محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحج

صفحة 4 - الجزء 3

  وأما ما يكون من الهول الشديد عند البعث فهو خاص للكفار والفساق، وأما بالنسبة للمؤمنين فسيؤمنهم الله سبحانه وتعالى من المخاوف والأفزاع والأهوال.

  {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ٣} كان المشركون يكثرون الجدال على النبي ÷، وكانوا من ألد الخصام له، مع أنهم لم يكونوا من أهل العلم، وليس لهم كتاب يعتمدون عليه في دينهم، وليس لديهم حجة من عقل أو نقل، وإنما يجادلون⁣(⁣١) بالباطل عن أحجار لا تضر ولا تنفع، متبعين لأهوائهم وشياطينهم، ومعنى «مريد»: مبالغ في العصيان الكامل في البعد من الطاعة.

  {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ٤} فمن اتبع الشياطين وسار في قيادتهم فإنهم سيضلونه عن الهدى وعن طريق الحق ويدفعونهم إلى أودية الضلال والهلاك التي تؤدي بهم إلى نار جهنم وبئس المصير، ومعنى «كتب عليه» مَثَلٌ وتصوير لحال من يتولى الشيطان بحال من كتب عليه ورقم في وثيقة أن الشيطان سيقوده إلى الضلال ويجره إلى عذاب جهنم.

  {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ} يخاطبهم الله سبحانه وتعالى بأنه إن خالجهم الشك أو دخل في قلوبهم الريبة في إعادة خلقهم وبعثهم بعد موتهم، وبعد أن تصير عظامهم رميماً فلينظروا إلى بداية خلقهم أول مرة من العدم، وسيعلمون العلم اليقين أن الله سبحانه وتعالى قادر على إعادتهم وبعثهم بعد موتهم، وأن الله على كل شيء قدير.

  {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} وهو بداية خلقهم عندما خلق آدم وحواء من التراب.


(١) سؤال: لماذا أطلق على جدالهم هذا بأنه جدال في الله؟

الجواب: لأنهم كانوا يجادلون في إثبات دين الشرك بالله والكفر به، وفي إبطال دين الحق وتوحيد الله ونفي الشركاء عنه.