سورة الحج
  {ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} ثم بعد أن خلق آدم وحواء الذي هو الخلق الأول، جعل الله خلقكم من النطفة التي يلقيها الرجل في الرحم، ثم إن هذه النطفة تتحول إلى قطعة دم متجمدة.
  {ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} ثم إن هذه العلقة تتحول إلى قطعة لحم، وأن قطعة اللحم هذه يكون بعضها قد ظهرت فيها أثر الخلقة، وبعضها لم يكن قد ظهر عليها أيُّ أثر ثم تتخلق من بعد(١).
  {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} أخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه خلق الإنسان على هذا الترتيب وعلى هذه المراحل ليبين لهم قدرته البالغة وعظمته اللامتناهية.
  {وَنُقِرُّ(٢) فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} وأنه يثبت بعض هذه الأشياء ويحفظها في الأرحام إلى أن يحين وقت ولادتها، بينما يسقط البعض الآخر قبل ذلك، وأن كل ذلك بمشيئته وإرادته.
(١) سؤال: هل يصح الاستدلال من هنا على أن السقط يكون حملاً إذا دخل في الشهر الثالث بناء على أن مدة الطور الواحد أربعون يوماً؟ وما هو دليل أهل المذهب على اعتبار التخلق في الحمل حتى تصير المرأة بوضعه نفساء؟
الجواب: تدل هذه الآية على أن السقط إذا كان مضغة سواء أكانت مخلقة أم غير مخلقة تكون حملاً تنقضي به العدة وتكون به المرأة نفساء بمعونة قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤]، وإطلاق الحمل هنا تدخل فيه المضغة المخلقة وغير المخلقة، فهذا هو ما تفيده ظاهر الآيات، ولعل أهل المذهب أرادوا بالمضغة التي لم تكن مخلقة المضغة التي دخلت في الطور الثالث ولم يكتمل تكوينها مضغة بل ما زالت طبيعتها أقرب إلى طبيعة الطور الثاني أي إلى طبيعة العلقة، فمثل هذه المضغة يلزم اختبارها بوضعها في ماء حار فإن تميعت وتفتتت إلى طبيعة الدم فهي علقة، وإن لم تتغير عما هي عليه فهي مضغة تنقضي بها العدة وتصير به المرأة نفساء، فهذا ما ظهر لي والله أعلم.
(٢) سؤال: فضلاً ما السر في رفع هذا الفعل مع أن ما قبله منصوب؟
الجواب: رفع لأنه لم يرد أن يعطف على «لنبين»، بل أريد أن يستأنف خبراً جديداً أي: ونحن نقر في الأرحام ما نشاء.