محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحج

صفحة 6 - الجزء 3

  {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا⁣(⁣١) ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} وهذه هي بداية مراحل حياة الدنيا، فيولد طفلاً لا حول له ولا قوة فيحوطه بعنايته ورعايته إلى أن يكبر ويصل أوان رشده، ويكتمل عقله وقوته، وكل ذلك تحت إرادته ورعايته.

  {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} وأن منهم من يموت قبل أن يستوفي عمره الطبيعي، وبعضهم يبلغ أوان الشيخوخة ونهاية العمر.

  {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} فيعمره الله سبحانه وتعالى إلى أن تنتهي مداركه وينتهي عقله وسمعه وبصره فلا يستطيع أن يميز.

  {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ٥} وهذا مثال ثان ليصور لمنكر البعث بعد الموت إمكان ذلك، وهو أن ينظر إلى الأرض حال يباسها وجفافها، وما أن ينزل عليها المطر فإذا بك تراها ترجع إلى الحياة من جديد، وتكتسي بالخضرة والأشجار والثمار مرة أخرى، فما دام قد قدر على إحياء الأرض الميتة فقطعاً سيقدر على أن يحيي الموتى فلا فرق بينهما في قدرته تعالى، ومعنى «اهتزت وربت»: تحركت بالنبات وانتفخت، ومعنى «زوج بهيج»: وأنبتت من كل صنف حسن المنظر.

  {ذَلِكَ⁣(⁣٢) بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} بعد أن أثبت للكافرين قدرته على الإحياء بعد الموت أخبرهم بأنه هو الإله الحق الذي يستحق العبادة والتوجه إليه بالطاعة؛ لأنه


(١) سؤال: يقال: لماذا لم يأت بالجمع هنا فيقل: أطفالاً؟ وما إعراب: {طِفْلًا

الجواب: أفرد الطفل ولم يجمعه لأنه أراد الجنس أو أنه أراد: ثم نخرج كل واحد منكم طفلاً، و «طفلاً» حال من مفعول «نخرجكم».

(٢) سؤال: إلام أشير بقوله: {ذَلِكَ}؟ وما معنى الباء في قوله: {بِأَنَّ اللَّهَ

الجواب: أشير بذلك إلى ما تقدم من آيات قدرة الله في خلق الإنسان وإحياء الأرض بعد موتها، والباء للسببية أي: أن تلك الآيات كائنة بسبب أن الله هو الإله الحق الذي به تتحقق الأشياء، و ... إلخ.