محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النور

صفحة 120 - الجزء 3

  {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ⁣(⁣١) فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ٣٩} وسوف يحاسبهم الله تعالى على أعمال الكفر والمعاصي، وسيجازيهم عليها جزاءً كاملاً.

  {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ}⁣(⁣٢) ثم شبه الله تعالى أعمال المشركين تشبيهاً آخر، فشبه أعمال الخير والبر التي كانوا يعملونها في جاهليتهم وشركهم بحال⁣(⁣٣) من هو في ليلة مظلمة في عمق بحر، وفوقه موج، وفوق ذلك الموج موجٌ آخر، من فوق ذلك الموج سحابٌ قد غطى الدنيا بظلمته.


= بل لما يأتي:

١ - عموم مثل قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧}⁣[الزلزلة]، وقوله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا}⁣[آل عمران: ٣٠].

٢ - معنى الإحباط هو أن العمل الصالح لا يقبل من الكافر ومرتكب الكبيرة؛ لقوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ ...} الآية [التوبة: ٥٤]، فإذا تاب الكافر ومرتكب الكبيرة زال المانع من القبول.

٣ - التوبة تَجُبّ ما قبلها والإسلام يَجُبّ ما قبله، أي: أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتائب من الكفر كمن لم يكفر في حكم الله، وحينئذ تبقى الحسنة حسنة وتكون مقبولة.

(١) سؤال: لم يظهر لنا تحليل هذا المجاز أو الاستعارة: {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ} فكيف هو؟ وإلام يرجع الضمير في قوله: «عنده»؟

الجواب: ذلك من مجاز الحذف أي: وجد وعيد الله عنده أو عقاب الله. «عنده» أي: عند ذلك الذي حسبه نافعاً فلم يجده شيئاً.

(٢) سؤال: ما محل الجملتين: {مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ} {مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ

الجواب: «من فوقه موج» في محل رفع صفة لموج في قوله: {يَغْشَاهُ مَوْجٌ}. و «من فوقه سحاب» في محل رفع أيضاً صفة لموج في قوله: {مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ}.

(٣) سؤال: هل المشبه به الظلمات نفسها، أو من هو فيها؟

الجواب: المشبه به الظلمات ومن هو فيها، والمشبه الكافر وأعماله القبيحة؛ لأن التقدير: أو كذي ظلمات، بدليل: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}.