سورة النور
  ثم أخبر أنه لن ينتفع بآياته هذه إلا الذين سلمت عقولهم من أمراض الكفر والنفاق وسلمت عيون فطرهم من غشاوات الكبر والإثم والتمرد.
  {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} والله وحده هو الذي خلق جميع الحيوانات التي تدب على الأرض، وأوجدها بمشيئته وقدرته من تلك النطفة التي تضعها الذكور في الأرحام، فيكونها بحكمته وقدرته وتدبيره.
  {فَمِنْهُمْ(١) مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} ثم قَسَّم الله سبحانه وتعالى بقدرته هذه الدواب فجعل منها ما يمشي على بطنه، ومنها ما يمشي على رجلين، ومنها ما يمشي على أربع أرجل.
  {يَخْلُقُ(٢) اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٤٥} وفي ذلك دلالة واضحة على قدرة الله تعالى على إحياء الموتى وبعثهم للحساب والجزاء.
  {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ} ثم أقسم الله سبحانه وتعالى هنا بأنه قد أنزل لعباده الآيات الواضحة التي تسوقهم إلى معرفته ومعرفة وحدانيته، وأنه وحده الذي يستحق العبادة، والتي تقطع الأعذار على أولئك الذين يعبدون غيره ويتخذون إلهاً غيره.
  {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٤٦} ثم أخبر أنه يهتدي بآياته هذه عباده الذين استجابوا لدعوة نبيه ÷ وآمنوا به وصدقوه، فهؤلاء هم الذين قد شاء أن يهديهم ويزيدهم من النور والهدى، وأما أولئك الذين رفضوا دعوة محمد ÷ عندما جاءتهم فقد سلبهم الله سبحانه وتعالى ألطافه وتوفيقه ولن
(١) سؤال: فضلاً ما السر في تذكير الضمير مع أن ظاهره العود إلى الدابة؟
الجواب: ذكّر الضمير نظراً للفظ «كل» فإن لفظه مذكر.
(٢) سؤال: هل هذه الجملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب؟
الجواب: نعم الجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب استؤنفت لبيان نفوذ قدره الله تعالى وأنه لا يعجزه تعالى شيء.