سورة النور
  يوفقوا إلى توبة أبداً ما داموا مصرين على ما هم عليه من الكبر والكفر والتكذيب والتمرد.
  {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا} امتلأت المدينة بالمنافقين، وأصبحوا الكثرة الكاثرة، وكانوا يَدَّعون الإيمان بالله ورسوله ÷ بألسنتهم فقط وأما قلوبهم فكانت مليئة بالكفر.
  {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ٤٧} فبعد إيمانهم بالله تعالى ورسوله ومبايعتهم على السمع والطاعة لله ورسوله يذهبون إلى فعل خلاف ما عاهدوا وبايعوا عليه؛ لأنهم لا زالوا كفاراً في الأصل والحقيقة(١).
  {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ(٢) بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ٤٨}(٣) ثم وصفهم الله تعالى بأنهم إذا اختصموا مع أحد ثم دعاهم إلى
(١) سؤال: يقال: فما السر في إسناد التولي إلى فريق منهم فقط؟
الجواب: قد كان بعضهم شديد التكتم على نفاقه، فلم يظهر منهم ما يدل على النفاق، وهم من قال الله لنبيه: {لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}[التوبة: ١٠١].
(٢) سؤال: ما الوجه في إفراد الضمير في قوله: {لِيَحْكُمَ}؟
الجواب: الوجه هو تعظيم الله تعالى من أن يُجمع مع رسوله ÷ في ضمير تثنية، فضمير التثنية موضوع لتثنية الشيئين المتساويين، والرب العظيم والعبد الضعيف غير متساويين.
(٣) سؤال: هل يستنبط من الآية أن من دعي إلى حاكم شرعي أو عالم عامل للمحاكمة فأعرض أنه يخرج عن اسم الإيمان؟ وما الحكم لو كان المحكم جاهلاً أو ظالماً؟
الجواب: نعم، يؤخذ من الآية ما ذكرتم إلا أنه ينبغي التفرقة بين من دعي إلى التحاكم عند الرسول ÷ وبين من دعي إلى التحاكم عند حكام أمته العدول، فرسول الله ÷ معصوم؛ لذلك ينبغي فتح باب التأويل - إن احتمل - لمن دعي إلى حاكم حق فأعرض، فنقول في التأويل مثلاً: لعل هذا المعرض غير مطلع على ثقة الحاكم وعدالته وأمانته ودينه وعلمه، أو قد يكون سيء الظن به لشبهة أو ... أو ... ، فإذا كان المعرض عن المحاكمة من أهل بلد الحاكم مطلعاً على ديانته =