سورة النور
  تمردكم على ظهوركم.
  {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ٥٤} ينصحهم الله تعالى بأنهم إن أطاعوا رسوله فقد أجابوا إلى ما فيه هداهم ونجاتهم، وأما النبي ÷ فقد أدى ما لزمه من التبليغ وإلزام الحجة، وأما دخولهم في الهدى وقبولهم فأمر ذلك راجع إليهم، وهذا كما ذكرنا من أن النبي ÷ كان يتألم الألم الشديد وكاد أن يقتله الأسى والحزن على عدم إيمان قومه وعدم قبولهم دعوته، وما كان من حرصه الشديد على دخولهم في الهدى واستنقاذهم من عذاب الله تعالى وسخطه رحمة وشفقة بهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية ليؤذنه بأنه قد أدى ما عليه.
  {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ(١) فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أبطأ نزول النصر على المؤمنين، وطال انتظارهم له، وطال عليهم البلاء والشدة والأذى من المشركين، فأخبرهم الله سبحانه وتعالى بأنه قد وعدهم بأنه سيقهر المشركين، وسيذلهم ويكسر شوكتهم، ويقطع دابرهم إما باستئصالهم بعذابه أو بخزي الدنيا، وأنهم بعد ذلك سيكونون المسيطرين في الأرض وأصحاب القهر والغلبة والسلطان، وأن دينهم سيعلو على دين المشركين وعلى بقية الأديان، أراد الله سبحانه وتعالى بذلك أن يشجعهم على الصبر على دينهم، وعلى ما يلحقهم من المشركين.
  وأخبر أن حالهم كحال أتباع الأنبياء السابقين وهو أن النصر والغلبة والسيطرة في النهاية لهم.
(١) سؤال: أين مفعول: {وَعَدَ}؟ وما إعراب: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ}؟
الجواب: مفعوله الأول هو الاسم الموصول، ومفعوله الثاني محذوف، أي: الاستخلاف، وحذف لدلالة {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} عليه، و «ليستخلفنهم»: جواب قسم محذوف، أو جواب «وَعَدَ الله»؛ لأنه بمنزلة القسم.