سورة النور
  بـ «الذين من قبلهم» البالغون الذين ألزمهم الله الاستئذان في كل وقت.
  {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٥٩} لما علم من الحكمة والمصلحة في تعليمهم ذلك.
  {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ(١) بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ} ثم ذكر الله سبحانه وتعالى حكم النساء اللاتي قد قعدن عن الحيض والولد وقد تقدمن في السن وانقطع طمع الرجال فيهن، فأخبر أنه لا جناح ولا حرج عليهن أن يخرجن(٢) بين الناس، وذلك لأن مظنة الفتنة قد ارتفعت، ولكن لا يلبسن الزينة التي تبعث على الشهوة؛ لأن الحكمة من تحريم النظر والتبرج هو سد منافذ الفتنة وأبواب الشيطان، وهذه قد أصبحت في مرحلة لا يفتتن بها أحد.
  ثم أرشدهن الله سبحانه وتعالى إلى الأحسن والأفضل لهن، وهو أن يستعففن ويستترن في بيوتهن، فلا يخرجن إلا لحاجتهن.
  {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٦٠} فاحذروا أن تقعوا فيما يسخط الله تعالى، فهو عالم بما في ضمائركم ونياتكم، وسيجازيكم عليها، فينبغي أن يصلح كل امرئ نيته، ويحفظ فرجه ولسانه.
(١) سؤال: ما إعراب: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ}؟
الجواب: تعرب حالاً من فاعل {يَضَعْنَ}.
(٢) سؤال: يقال: ظاهر الآية أنها في رفع الحرج عن زيادة التستر والاحتشام في الثياب، فما مرادكم بحملها على الخروج بين الناس؟ وما هي الثياب التي أبيح لهن طرحها؟
الجواب: نعم، ظاهر الآية هو ما ذكرتم، والثياب التي أبيح لهن طرحها هي الثوب الذي تضعه المرأة فوق الخمار، والثوب الذي تلبسه فوق ثيابها عند الخروج من البيت، وحينئذ فمرادنا في التفسير أنه لا حرج على القواعد من النساء أن يضعن مثل هذه الثياب عند الرجال الأجانب؛ لأن الفتنة مأمونة في القواعد اللاتي بلغن من الكبر حداً ينقطع فيه طمع الرجال فيهن.