سورة النور
  ينال حقيقة الإيمان إلا أهل هذه الصفة، وهم الذين صدقوا بالله تعالى ووحدانيته، وصدقوا ما جاءهم به أنبياؤه ورسله وأطاعوا النبي ÷ فيما كلفهم به، ولم يتهربوا من طاعته كما يتهرب المنافقون في الأمور الجامعة، والمراد بها: أمر الجهاد ونحوه من الأمور العامة التي تهم جماعة المسلمين.
  {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٦٢} وأخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أنه لن يستأذنه إلا المؤمنون، وأن من استأذنه منهم فإن له أن يأذن لمن شاء منهم، ممن لا تدعوه إليهم حاجة أو ضرورة، وأن يطلب(١) لهم المغفرة لأجل استئذانهم ذلك.
  {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} يدل على أن إجابة دعاء النبي ÷ واجبة، وأن تنفيذ مطالبه واجبة كيفما كانت الظروف، وأن شأنه ليس كشأن بقية الناس(٢).
= الأنفال كذلك وفي آية الحجرات في صفات أخرى فكيف يصح لنا أن نستدل بها على أنه لا يستحق اسم الإيمان إلا من فعل تلك الأعمال أو أتى بالواجبات واجتنب المقبحات مع اختلاف تلك الصفات؟
الجواب: القصر في كل آية مما ذكرتم هو قصر إضافي أي: بالإضافة إلى اعتقاد المخاطبين فقد يكون بعض المخاطبين متوهماً أن الذهاب بغير إذن النبي ÷ لا يخل بالإيمان وهكذا فيما ذكرتم.
(١) سؤال: ما وجه طلبه للمغفرة لهم مع أنه وصف المستأذنين بأنهم المؤمنون بالله ورسوله؟
الجواب: الوجه هو التنبيه على أن لا يقع منهم الاستئذان وإن أذن لهم الرسول ÷ لأن الاستغفار يدل على الذنب.
(٢) سؤال: هل يؤخذ منه أن العالم العامل يستحق مثل هذه الخصلة من الرعاية والاهتمام بندائه وتنفيذ مطالبه أم لا؟ مع التعليل من فضلكم؟
الجواب: للإمام العامل العادل الداعي إلى الله من الاستحقاق لإجابة مطالبه التي تتعلق بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك مثل ما كان يحب لرسول الله ÷ لأنه خليفته والقائم مقامه.