محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة البقرة

صفحة 154 - الجزء 1

  ونبينا محمد ÷ هو أفضل الأنبياء والرسل وأرفعهم منزلة لفضائل اختصه الله تعالى بها، فمنها: أن الله تعالى أرسله إلى الناس كافة، ومن قبله من الأنبياء يبعث كل منهم إلى قومه خاصة.

  ومنها: أن أمة محمد ÷ خير الأمم.

  ومنها: أن شريعته نسخت شرائع الأنبياء، وهي باقية لا تنسخ إلى يوم القيامة.

  ومنها: أن الله تعالى أعطاه القرآن الذي لا يقدر المبطلون على تحريفه وتصحيفه وتغييره وتبديله {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}⁣[فصلت]، فهو باق كما أنزل إلى أن تقوم الساعة.

  ومنها: أن محمداً ÷ أكثر الأنبياء أتباعاً إلى يوم القيامة.

  {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} جاء من بعد الأنبياء أمم تتقاتل فيما بينها، ولو أراد الله لمنعها القتال بالقهر، ولكنه خلاها وشأنها، وسيجازيهم يوم القيامة ويحكم بينهم فيما اختلفوا فيه.

  قال سبحانه: {وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} وتقاتلوا فيما بينهم، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ٢٥٣}⁣(⁣١) من التخلية بين المكلفين ليرتب على ذلك الثواب والعقاب.

  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} على الأقل الزكاة، ونفقة الأولاد والأبوين العاجزين، ونحوها.

  {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ} فلا بيع يوم الحساب ولا


(١) – سؤال: ما فائدة تكرير قوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا

الجواب: كرر الله تعالى ذلك ليقرر في نفوس المكلفين أن حكمة الله اقتضت التخلية بين عباده، واقتضت أن لا يمنعهم من القتال، وكرر ذلك وأكده لهم لما في نفوسهم من كراهة سفك الدماء، وتصور قبحه، فكان المقام يقتضي التأكيد.