محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الفرقان

صفحة 156 - الجزء 3

  {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ٣١}⁣(⁣١) يسلي الله تعالى نبيه ÷ في هذه الآية ليخفف عنه ما كان يلاقيه من قومه من الأذى والشدة والتكذيب، فأخبره أن كل الأنبياء قبله قد لاقوا مثل ما لاقاه، وقد عانوا من أممهم أشد المعاناة.

  ومعنى الجعل في الآية: هو التخلية من الله تعالى بينهم وبين أنبيائهم.

  وأخبره أنه يكفيه أن يكون الله تعالى معه بنصره وتأييده؛ لأن النبي ÷ كان يتمنى أن يرى المؤمنين في كثرة وقوة ليدفع بهم الشرك ويقاتل بهم المشركين، ولأن المدة كانت قد طالت عليه، وقد طال انتظاره حتى كاد أن يصيبه اليأس والملل، فقد مكث في مكة نحواً من ثلاث عشرة سنة يدعو المشركين وهم في كثرة وعدة وعدد كبير وغناء وثراء، بينما كان هو ومن معه من الموالي كعمار وأبي ذر وبلال وصهيب ونحوهم في قلة وضعف طوال تلك المدة، وكان منتظراً لأن يؤيده الله تعالى بقبيلة من العرب ينتصر بها على المشركين، ويستقوي بها الإسلام والمسلمون؛ فلم يحصل له شيء من ذلك.

  وقد خرج إلى الطائف عَلَّهُ يجد فيها الناصر والمعين، ولكنهم قابلوه بالأذى وسلطوا صبيانهم عليه يرجمونه بالحجارة حتى أدموا أعقاب رجليه، فعاد وهو في حزن وأسى شديدين، وخلال عودته كان خائفاً على نفسه من قريش، فلا ناصر له أو معين في مكة بعد موت عمه أبي طالب، ولم يدخل إليها إلا في جوار مطعم بن


(١) سؤال: فضلاً ما إعراب: {كَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ٣١

الجواب: «كفى» فعل ماض. «بربك» فاعل مرفوع محلاً مجرور لفظاً. «هادياً» تمييز.

سؤال: ورد في أمالي أحمد بن عيسى # رواية عن أمير المؤمنين أنه كان يقول بعد قراءة الفاتحة: {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ٣١} فما مناسبة ذلك؟

الجواب: المناسبة أن آخر سورة الفاتحة دعاء بالهداية {اهْدِنَا الصِّرَاطَ}، فناسب الثناء على الله بعد قراءتها بما ذكر.