محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الفرقان

صفحة 157 - الجزء 3

  عدي، فكبر في نفسه هذا الذي يلاقيه وأصابه الحزن الشديد وكاد اليأس أن يتمكن منه، فَقَوَّى الله عزيمته بما أنزله إليه من القرآن.

  {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} استنكر المشركون على النبي ÷ لماذا يُنَزَّلُ إليه القرآنُ مفرَّقاً على التدريج سورة سورة، وآية آية؟ ولماذا لا ينزل عليه جملة واحدة مثل التوراة والإنجيل فقد نُزّلا دفعةً واحدة؟ فأجاب الله تعالى عن السبب في ذلك فقال:

  {كَذَلِكَ⁣(⁣١) لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ}⁣(⁣٢) الضمير في «به» للتفريق المفهوم من سؤال المشركين، أخبر الله تعالى عن السبب في ذلك، وهو لأجل أن تتمكن من حفظه يا محمد في قلبك، وذلك أن النبي ÷ كان لا يقرأ ولا يكتب لا هو ولا أصحابه، فقد كانت مصاحفهم صدورهم، فلم تكن الكتابة آنذاك مشهورة عند العرب ومنتشرة انتشاراً كلياً، ولو كان هناك أناس قليلون منهم يقرأون ويكتبون، وكانوا يعتمدون على صدورهم في حفظ الأشياء.

  {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ٣٢}⁣(⁣٣) وأنه قد فرقه تفريقاً، ونزله على هذه الصفة لهذا الغرض الذي ذكرناه.

  {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ٣٣} ثم أخبر الله


(١) سؤال: ما إعراب جملة {كَذَلِكَ

الجواب: يعرب مفعولاً مطلقاً لفعل محذوف.

(٢) سؤال: التثبيت للقرآن في فؤاد النبي ÷ وظاهر الآية العكس، فكيف؟

الجواب: المراد لنثبت بالقرآن فؤادك على حفظه.

(٣) سؤال: يقال: كيف نجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ١}⁣[القدر]، فظاهرها إنزال القرآن جميعه في ليلة القدر؟

الجواب: قد قالوا: إن الله تعالى أنزل القرآن جميعه في ليلة القدر إلى سماء الدنيا، ثم أنزله الله تعالى بعد ذلك مفرقاً على النبي ÷ في ثلاث وعشرين سنة.