محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الفرقان

صفحة 163 - الجزء 3

  بسبب الشمس ويسير بسيرها⁣(⁣١).

  {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا ٤٦} وذلك أنه عند شروق الشمس يكون ممتداً ثم يأخذ في التناهي والتناقص شيئاً فشيئاً إلى أن ينتهي، وذلك هو المراد بقوله قبضناه، فكل ذلك بأمر الله سبحانه وتعالى وإرادته.

  فالشمس هذه آية من آيات الله الدالة عليه، فالمفروض أن ينظروا فيها ويتفكروا في عجائبها ليعرفوا قوة من أبدعها وأوجدها، وأنه وحده الذي يستحق العبادة، دون تلك الأصنام التي يعبدونها، والتي لا تملك شيئاً، أو تستطيع فعل أي شيء.

  {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ٤٧}

  ثم أمرهم أن يتفكروا في آية الليل والنهار، فأمرهم أن ينظروا كيف جعل لهم الليل ستراً يسترهم من عدوهم فيسيرون آمنين تحت ظلامه؛ لأن العرب كانوا في خوف وثأرات وقتل وقتال، وكانوا يستعينون بظلام الليل في التخفي من أعدائهم تحت أستاره، فأمرهم الله سبحانه وتعالى أن ينظروا في هذه الآية، ويتفكروا من الذي سخرها لهم؟ وما مدى قدرته وعلمه؟

  وكذلك فيما جعل لهم في النوم من الراحة والهدوء لأجسامهم، وإزالة ما يلاقونه من الجهد والتعب في نهارهم، فلا يستيقظون صباحاً إلا وقد استعادت أجسامهم نشاطها، وعادت إليها حيويتها، فكيف يكون حالهم لو سلب الله تعالى عليهم هذه النعمة العظيمة التي أنعم بها عليهم؟


= آية الظل، فالظل آية عظيمة تابعة لآية الشمس التي هي أعظم وأكبر؛ لأن الظل بالنسبة للشمس ليس إلا أثراً من آثارها، فالشمس هي الأصل لوجود الظل.

(١) سؤال: هل ما يقال: إن الشمس تبعث الإنسان وغيره على الاستظلال فكأن الشمس تقول للإنسان: اذهب إلى الظل، فكانت دليلاً للإنسان على الظل - صحيح؟ أو ما رأيكم فيه؟

الجواب: قد يكون ذلك وجه صحيح، ينضم إلى ما ذكرنا في جواب السؤال السابق، والله أعلم.