محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الفرقان

صفحة 165 - الجزء 3

  {وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ⁣(⁣١) كَثِيرًا ٤٩} ولأجل أن نسقي به الأنعام والناس، يعدد الله سبحانه وتعالى عليهم آياته هذه أيضاً ويذكرهم بها لعلهم يرجعون إليه ويتوجهون بعبادتهم إليه؛ لأنه وحده الذي يستحق العبادة دون تلك الأصنام التي يعبدونها.

  {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ٥٠}⁣(⁣٢) صرف الله المطر بين الناس على حسب ما تقتضيه الحكمة والمصلحة ليتنبهوا إلى عظيم رحمة الله بعباده، ولما فيه من الآية على عظمة الله وقدرته وعلمه وحكمته، إلا أنهم أبوا التفكر والتدبر، وأعرضوا وكفروا بعظيم نعمة الله عليهم.

  {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ٥١} وأخبر أنه لو شاء أن يبعث في كل قرية نبياً يدعوهم - لَفَعَل، غير أن حكمته اقتضت أن يرسل نبياً واحداً إلى الناس جميعاً.

  {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ} ثم نهى الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يسمع للكافرين أو يستجيب لما يطلبون منه؛ لأنهم كانوا يريدون منه أن يترك دعوتهم وتبليغهم رسالة ربه.


(١) سؤال: ما أصل هذا الاسم ونوعه؟ وكيف تعدى «نسقي» إلى الضمير بنفسه، وقد يفهم تعديته بالباء «نسقي به»؟

الجواب: قال الفراء والزجاج: الإنسي والأناسي مثل الكرسي والكراسي. اهـ من الرازي. أي: أن الياء فيهما ليست للنسب، والإنسي مفرد، وجمعه: أناسي، كما تقول: كرسي وكراسي، والإنس اسم للجنس الجمعي، والإنسان كذلك اسم للجنس، والناس اسم جنس جمعي.

«نُسقي» بضم النون يتعدى بنفسه، {فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ}⁣[الحجر: ٢٢]، {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا}⁣[النحل: ٦٦].

(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب: {إِلَّا كُفُورًا ٥٠} بالتفصيل؟

الجواب: الاستثناء مفرغ على المعنى، من حيث إن: {أَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ} في معنى: لم يرض أكثر الناس إلا كفوراً.