سورة الفرقان
  {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ٥٢}(١) وأمره أن يجاهد المشركين بالقرآن والدعوة، وأن يبالغ في ذلك في كل الأوقات، متجاوزاً لكل العوائق والعقبات من كثرة المكذبين، وعدم الاستجابة والاستهزاء والاستحقار.
  {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ٥٣} ثم رجع إلى تذكيرهم بقدرته وتمكنه في كل شيء، فأخبر أنه بقدرته وحده خلط هذا البحر المالح بالبحر العذب، فجعل أحدهما يشق طريقه وسط الآخر من دون أن يمتزج به أو يخالط أجزاءه، ثم في الأخير ينفصل كل منهما عن الآخر ويسير كل منهما في جهة، وكان المسافرون في البحر يستطيعون الشرب من تلك المياه العذبة في وسطه على الرغم من الأمواج الهائلة وهيجان مياه البحر؛ لأن قدرة الله سبحانه وتعالى قد منعت من اختلاط تلك المياه وامتزاجها(٢).
(١) سؤال: هل هذه الآية نصٌّ في أن الإرشاد والمقارعة بالحجة جهاد في سبيل الله، يستحق فاعلها ثواب المجاهدين؟
الجواب: نعم، هذه الآية دليل قاطع على أن الإرشاد والدعوة إلى الله، وإعلان الحق وإظهاره بالحجة والبرهان جهاد في سبيل الله، بل إن أفضل الأعمال هو عمل الأنبياء الذين يبلغون رسالات الله، والإرشاد والدعوة إلى الدين الحق هو عمل الأنبياء والرسل À الذي كلفهم الله تعالى به، وحمَّلهم نشره بين الناس، وحتم عليهم تبليغه. والجهاد بالسيف إنما هو وسيلة إلى الدعوة إلى الله وإرشاد الناس عند الحاجة والضرورة للجهاد بالسيف، والمفروض أن المتوسل إليه أفضل من الوسيلة.
(٢) سؤال: هل عرف هذا البحر الذي يمتلك هذه الخاصية؟ أم تريدون أنها خاصية كل بحر فلعله يشكل؟ وما رأيكم فيما قيل إن هذه الخاصية موجودة في بحر في إيران حيث يلتقي بحران بهذه الصفة ولا تمتزج الملوحة بالعذوبة رغم اختلاطهما؟
الجواب: قالوا: إن ذلك كان قبل وجود البواخر الكبيرة فقد كان دجلة والفرات يصبان في الخليج العربي ويجري ماؤهما فيه من غير أن يختلط بماء الخليج.