سورة الفرقان
  {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا} وهو تلك النطفة الحقيرة التي يلقيها الرجل في رحم المرأة، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي يجعلها من بعد ذلك إنساناً سوياً، لا تلك الأصنام التي يعبدونها من دونه.
  {فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} ثم أخبر أنه قد جعل هذا البشر المخلوق من الماء على قسمين: نسباً وهم الذكور، وصهراً وهم الإناث(١).
  {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ٥٤} وهو وحده القادر على ذلك وعلى كل شيء.
  {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ} فبالرغم من كل الآيات التي رآها المشركون، والتي قد استيقنوا عندها أن الله تعالى هو الذي أوجدها، وأنه المتصرف في جميعها بقدرته وقوته، لم يعتبروا بها أو يتعظوا، ولا زالوا في ظلمات الجهل والضلال يتخبطون، وعلى الكفر والتكذيب والإعراض محافظين، ذاهبين إلى عبادة تلك الأصنام التي لا تنفعهم بشيء أو تضرهم.
  {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ(٢) ظَهِيرًا ٥٥} وكانت طبيعة الكفار والمشركين مناصرة أعداء الله ضد أنبيائه ورسله، ومظاهرتهم ومعاونتهم على حرب رسله وأنبيائه، ومعنى «ظهيراً» معاوناً ومساعداً.
  {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ٥٦} ثم أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ أنه لم يرسله إلى المشركين ليدخلهم في الإسلام كرهاً، فليست هذه
(١) سؤال: لم نفهم كيف جُعِل النسب هم الذكور والصهر هم الإناث؟ وأيضاً كيف أخبر عن الذات «البشر» باسم المعنى «النسب»؟
الجواب: المراد ذوي نسب وهم الذكور ينسب إليهم فيقال: فلان بن فلان، وفلانة بنت فلان، وذوات صهر أي: إناثاً يصاهر بهن، وما ذكرنا من التقدير هو المصحح للإخبار باسم المعنى.
(٢) سؤال: هل ترون هذا على حذف مضاف أي: رسل ربه؟ أم ماذا؟
الجواب: المحاربة للرسل وللكتب المنزلة من عند الله ولأولياء الله هي محاربة لله، فعلى هذا لا مانع من تقدير مضاف، أو عدم تقديره؛ فيجوز الوجهان.