سورة الشعراء
  {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ(١) الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ١٩} وكذلك تأتي إلينا بهذه الأوامر بالرغم من الدم الذي تحمله في رقبتك لآل فرعون، وهروبك بجريمتك، ويريد بقوله: «وأنت من الكافرين» لنعمنا عليك.
  {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ٢٠}(٢) فأجاب موسى عليه بأنه حين قتل القبطي كان آنذاك من الضالين عن الهدى، الجاهلين للشريعة، وأما الآن فقد هداني الله سبحانه وتعالى، وعلمني شرائعه وأحكامه، وقد جعلني نبياً وأرسلني إليك.
  {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ٢١} وفعلاً قد فررت منكم حين قتلت القبطي إلى مدين، ولكن خلال تلك الفترة وهبني ربي العلم والحكمة وجعلني نبياً مرسلاً.
  {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٢٢}(٣) كان فرعون يتمنن على موسى بتربيته وحضانته، فأجابه موسى # بأنك يا فرعون قد أنعمت علي إلا
(١) سؤال: ما السر في إبهام الفعلة وعدم تعيينها؟
الجواب: ليس في ذلك إبهام فالإضافة للعهد.
(٢) سؤال: ما إعراب «إذاً»؟ وهل يصح حمل قوله: {الضَّالِّينَ} على فعل الضلال والدخول فيه، أم أنه فقط - كما أشرتم إليه - عدم معرفة الهدى والشريعة؟ ولماذا؟
الجواب: أعربوا «إذاً» جواباً وجزاءً لقول فرعون، ولا يصح حمل قوله: {مِنَ الضَّالِّينَ ٢٠} على فعل الضلال والدخول فيه؛ لأن أنبياء الله ورسله À منزهون عن فعل الكفر والدخول فيه، وعن فعل كبائر الذنوب من قبل أن يبعثهم الله.
(٣) سؤال: تفضلوا بإعراب هذه الآية كاملة؟ وإلام أشير بقوله: «تلك»؟
الجواب: الواو للاستئناف وما بعدها مستأنف، و «تلك» إشارة إلى ما تمنن به فرعون من النعمة على موسى في قوله: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ١٨}[الشعراء]، وهي مبتدأ ونعمة خبر، وجملة «تمن بها علي» في محل رفع صفة لنعمة. «أن عبدت بني إسرائيل» أن وما في حيزها في تأويل مصدر مرفوع بدل من نعمة، أي: تعبيدك لبني إسرائيل، أي: تسخيرهم لخدمتكم في الزراعة والبناء والصناعة والملاحة، أي: أن النعمة التي تمن بها علي هي تسخيرك لبني إسرائيل في خدمتكم وامتهانكم لهم امتهان العبيد، فكيف لي أن أُعُدّ ذلك نعمة وأحتسبها مِنَّة.