محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة البقرة

صفحة 158 - الجزء 1

  {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} ولم يستطع جواباً {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٢٥٨}.

  {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ}⁣(⁣١) ألم تر إلى الذي مر على قرية: وهي مدينة من مدن بني إسرائيل التي خربها بخت نصر، كان قد غزاها بخت نصر من العراق وقتل أهلها، وسبى نساءهم وأطفالهم، وأخذهم إلى العراق فمكثوا فيها سبعين سنة، وخرب بيوتهم، فقال هذا النبي⁣(⁣٢) - مستبعداً رجوعها على هيئتها الأولى -: كيف يحيي الله هذه القرية بعد هذا الذي حصل؟ قال ذلك مستغرباً، كأن الله قد أوحى إليه أنه سيعيدها.

  {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} نظر إليها وقد تخاوت سقوفها وتهدمت. {قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} فقبض الله روح ذلك النبي بعدما نظر إلى القرية التي تهدمت وتهاوت سقوفها وأجلي عنها أهلها إلى العراق، وبعد مائة سنة أحياه الله وسأله: كم لبثت في رقدتك هذه؟ قال: لبثت يوماً أو بعض يوم، قال الله: بل لبثت مائة سنة، وهذا طعامك وشرابك حسب عادته لم تغيره السنون، وهذا هو معنى قوله: {لَمْ يَتَسَنَّهْ}.

  {وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ} وكان لم يبق منه إلا العظم، {وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ


(١) سؤال: علام العطف في هذه الآية؟ وما محل الكاف في قوله: «كالذي»؟

الجواب: «أو كالذي» معطوف على {الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} عطفاً على المعنى، الذي يسميه أهل النحو: العطف على التوهم، ومن أمثلته: «فلسنا بالجبال ولا الحديدا»، فتوهم الشاعر خلو المعطوف عليه من الباء، فكان العطف في الآية بناءً على أنه قال في المعطوف عليه: كالذي حاج إبراهيم.

(٢) سؤال: من أين أخذ أن الذي مرَّ على القرية نبي من أنبياء الله؟

الجواب: أخذ ذلك من تكليم الله له.