سورة البقرة
  وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِرُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢٥٩} جعل الله تعالى له في حماره آية بينة وقد كان حماره قد مات منذ مائة عام ولم يبق سوى عظامه البالية، فأمره الله تعالى أن ينظر إلى عظام حماره البالية كيف يعيد إليها الله قوتها وجِدَّتها ويربط بعضها ببعض ويشد بعضها إلى بعض حتى يعود كل عظم إلى مكانه ثم يكسوها لحماً فإذا هو حمار ناهق قد أعاد الله إليه الحياة، فاستيقن حينئذ بعدما رأى هذه الآيات، ورجع إلى القرية تلك فرآها قد رجعت على ما كانت عليه بعد هذه المدة، وجعل الله تعالى في هذه القصة آية دالة للناس على أن الله قادر على إحياء الموتى يوم القيامة.
  {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} لم يكن إبراهيم ~ شاكاً في قدرة الله على إحياء الموتى، وإنما أراد إبراهيم # أن يرى بعينه عجيب قدرة الله في إحياء الموتى ليزداد يقيناً إلى يقينه، وذلك أنه إذا اجتمعت رؤية العين مع تصديق القلب تمكن العلم في القلب وصار علماً ضرورياً فاستجاب الله تعالى لنبيه إبراهيم # هذا الطلب.
  {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} قال الله: فخذ يا إبراهيم أربعة من الطير واجمعهن إلى طرفك وتأملهن ثم اذبحهن وقطع لحمهن قطعاً قطعاً، وهذا معنى قوله: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ}.
  {ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا} بعد تقطيعها، {ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا} ترجع إليك بعد ذلك أحياء كما كانت من قبل، {وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٢٦٠} واعلم يا إبراهيم أن الله قوي غالب لا يعجزه شيء، وحكيم لا يصدر عنه من الأفعال إلا ما تدعو إليه الحكمة.
  {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} فالنفقة في سبيل الله ثوابها زائد على غيرها فتتضاعف إلى سبعمائة ضعف، وهذا معنى ضرب هذا المثل العظيم.