سورة الشعراء
  أخرجهم من النعيم الذي هم فيه ورغد العيش الذي يتقلبون فيه، وذلك عند لحوقهم بموسى وقومه، وحصول ما حصل عليهم من الغرق في البحر، والمراد أن ذنوبهم هي التي أحاطت(١) بهم حتى جعلتهم يخرجون للَّحاق بموسى وبني إسرائيل، ثم يغرقون في البحر.
  {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ٥٩ فَأَتْبَعُوهُمْ(٢) مُشْرِقِينَ(٣) ٦٠} وقد أورث بني إسرائيل تلك الأرض(٤)، ثم أخبر الله تعالى عن جنود فرعون بأنهم قد لحقوا بهم متوجهين إلى جهة المشرق، وذلك أن موسى هرب متوجهاً إلى بلاد الشام.
  {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ٦١} فلما لحق فرعون وأصحابه بموسى وأصحابه وقربوا منهم حتى نظر كل منهم الآخر - قال أصحاب موسى: لا مفر لنا من الهلاك، فهذا البحر في وجهنا وذاك فرعون وجنوده خلفنا.
(١) سؤال: هل تقصدون أن هذا هو السبب في نسبة الإخراج إلى الله سبحانه وتعالى؟
الجواب: إخراجهم من الحياة الدنيا بالغرق هو من الله وبفعله بسبب ذنوبهم، هذا هو المقصود.
(٢) سؤال: هل في التعبير بالإتْبَاع دون التبع المأخوذ من الفعل الثلاثي سر ونكتة؟
الجواب: كأن التعبير بالإتْبَاع الذي ماضيه «أتبع» يوحي بإعداد وتخطيط لِلَّحاق بموسى وبني إسرائيل، والفتك بهم وردهم إلى مصر.
(٣) سؤال: هل يصح أن يحمل {مُشْرِقِينَ} على وقت الشروق؟
الجواب: نعم يصح ذلك، وقد يكون هو الأولى مما ذكرنا في التفسير.
(٤) سؤال: يقال: متى حصل ورث بني إسرائيل لتلك الأرض؟ أم أن هذه الآية معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه؟
الجواب: الجملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه؛ لأن إرث بني إسرائيل للجنات والعيون والكنوز والمقام الكريم كان بعد هلاك فرعون. وقد قيل: بأن إرث بني إسرائيل لذلك كان بعودتهم إلى مصر فترة من الزمن. وقيل: إن إرث بني إسرائيل هو لمثل ذلك؛ لأن بني إسرائيل وموسى # لم يعودوا إلى مصر بعد أن خرجوا منها.