محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الشعراء

صفحة 196 - الجزء 3

  {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ⁣(⁣١) مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ٧٥ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ٧٦ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ٧٧}⁣(⁣٢) فأجابهم إبراهيم بأنهم ما داموا لم يستطيعوا أن يأتوا بحجة أو دليل على إلهيتها واستحقاقها العبادة فإنه بريء منها ومن عبادتها، وناصب لها العداوة، إلا أنه استثنى من المعبودات الله رب العالمين فهو وليه ومعبوده الحق.

  {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ٧٨ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ٧٩ وَإِذَا مَرِضْتُ⁣(⁣٣) فَهُوَ يَشْفِينِ ٨٠ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ٨١ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ٨٢} ثم وصف لهم رب العالمين فأخبرهم بأنه يعبده لأنه الذي خلقه وهداه إلى ما يرشده، والذي بيده رزقه وشفاؤه، وبيده حياته وموته وهو المرجو لغفران سيئاته، فهو الذي يستحق العبادة دون تلك الأصنام التي ليس بيدها أي شيء.

  {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ٨٣} ثم توجه إبراهيم # إلى الله سبحانه وتعالى داعياً له أن يرزقه العلم والحكمة، وأن يفرق بينه وبين قومه، ويلحقه بأنبيائه الصالحين.

  {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ٨٤} ودعا الله سبحانه وتعالى بأن يجعل


(١) سؤال: ما فائدة مجيء الاستفهام هنا؟

الجواب: الاستفهام هنا هو الإنكاري الذي يراد به السخرية والاستهزاء.

(٢) سؤال: يقال: على ظاهر الاستثناء في الآية أنهم كانوا يعبدون الله إلا أنهم يشركون معه غيره فكيف؟ أم أن الاستثناء منقطع؟

الجواب: يجوز أن يكون منقطعاً، وأن يكون متصلاً؛ فقد حكى الله عن بعض المشركين قولهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}⁣[الزمر: ٣].

(٣) سؤال: هل في إسناده المرض إلى نفسه دلالة على أن المرض من العبد أم ماذا؟

الجواب: إنما أسند المرض إلى نفسه للأدب مع الله، وذلك أن المرض في الظاهر شرٌّ وأذىً فنزه الله تعالى من نسبة ذلك إليه، مع أن الحقيقة والواقع أن المرض خير ومصلحة للمريض وغيره.