سورة الشعراء
  {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ١١١}(١) ولكن شيئاً من ذلك لم ينفع أو يؤثر فيهم؛ لأنهم كانوا أهل كبر وعناد، فكيف يصطفون في زعمهم مع أراذل الناس وسفهائهم الذين آمنوا بنوح #، مستنكرين لذلك أشد الاستنكار، ومستبعدين لذلك أشد الاستبعاد، ومتعجبين من طلبه لهم أن يكونوا مساوين للأراذل الذين اتبعوا نوحاً # وهم ذوو الشأن الرفيع والمقامات العالية، وقد شرطوا عليه أن يطردهم إن أراد أن يحضروا مجلسه ويستمعوا إليه، وإلا فلن يؤمنوا له أبداً.
  {قَالَ وَمَا(٢) عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١١٢} أجاب عليهم نبي الله نوح # بأنه لا يعلم بشيء يدينهم به حتى يطردهم عن مجلسه، ولا يوجد أي حجة أو مبرر يستوجب ذلك.
  {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ١١٣}(٣) وحتى إن كانوا يعملون شيئاً من أعمال الخسة والدناءة فالله سبحانه وتعالى هو الذي سيتولى حسابهم، وأما أن أجازيهم بالطرد من دون أي مبرر فذلك لا يجوز ولا يحق لي.
  ثم أخبرهم بأنهم غير مصدقين بالبعث والحساب، وإلا لما طلبوا منه هذا المطلب.
(١) سؤال: ما محل جملة: {وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ١١١} وما ضابطها؟
الجواب: الجملة في محل نصب حال، وينبغي تقدير «قد» هنا لتقريب الماضي من الحال.
(٢) سؤال: فضلاً فصلوا القول في «ما» هذه من حيث معناها وإعرابها وما بعدها؟
الجواب: «ما» هذه هي استفهامية ومعناها: أي شيء علمي وهي في محل رفع مبتدأ، وعلمي: خبر.
(٣) سؤال: يقال: هل «لو» في قوله: {لَوْ تَشْعُرُونَ ١١٣} شرطية على بابها فأين جوابها؟ أم لا فما هي؟ ومن أين نستفيد أنه أخبرهم بأنهم غير مصدقين بالبعث والحساب؟
الجواب: «لو» شرطية على بابها، وتقدير جوابها: ما عبْتُموهم ولا تنقصتموهم، واستفيد كونهم غير مصدقين بالبعث والحساب من قوله: {لَوْ تَشْعُرُونَ ١١٣} أي: لو تشعرون بما وعد الله من البعث والحساب؛ فإن ذلك يدل على عدم إيمانهم بالبعث والحساب.