محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الشعراء

صفحة 208 - الجزء 3

  {فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ١٥٤} وطلبوا منه أن يأتيهم بآية تدل على صدق ما يدعي.

  {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ⁣(⁣١) وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ١٥٥ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ١٥٦} ثم إن الله سبحانه وتعالى أخرج لهم ناقة من الجبل، ورأوها خارجة أمام أعينهم آية دالة على صدق نبوته، وقال لهم: إن الماء قسمة بينهم وبينها لكل منهما يوم يرد فيه، مما يدل على كبر هذه الناقة وعظمها؛ إذ جعل لها حصة مثل حصتهم جميعاً.

  وبعد أن أخرج لهم هذه الناقة حذرهم أن يمسوها بسوء فإن الله سبحانه وتعالى سينزل علهم عذابه وسخطه إن هم فعلوا ذلك.

  {فَعَقَرُوهَا⁣(⁣٢) فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ١٥٧ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ} ولكنهم لم يبالوا بما حذرهم نبيهم، وقتلوا الناقة؛ فأنزل الله سبحانه وتعالى عليهم عذابه وسخطه جزاءً على عملهم هذا.

  {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ١٥٨ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ١٥٩} أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن فيما قصه من خبر صالح مع قومه آية لمن أراد أن يعتبر بها من مكذبي قريش، فيتركوا تكذيب النبي ÷


(١) سؤال: ما محل جملة {لَهَا شِرْبٌ}؟ وكيف يكون محل الجملة المعطوفة: {وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ

الجواب: ليس لها محل من الإعراب؛ لأنها في جواب سؤال مقدر، أي: ما شأنها.

(٢) سؤال: هل هو صحيح أن العاقر لها واحد، والباقين رضوا بفعله؛ فعمهم العذاب؟ وكيف كانت الدمدمة عليهم؟

الجواب: قد قالوا: إن العاقر لها واحد بأمرهم؛ بدليل قوله: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ ٢٩}⁣[القمر]، أما كيفية عذابهم ففي آية: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}⁣[الأعراف: ٧٨]، وفي آية: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ}⁣[هود: ٦٧]، وفي آية: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ}⁣[الشمس: ١٤]، فيدل كل ذلك أن الله تعالى أخذهم بعذاب استئصال أي: أن الدمدمة كناية عن استئصالهم بالعذاب.