سورة الشعراء
  {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ١٦٧} ولكنهم تثاقلوا نصحه لهم، وهددوه بالطرد والنفي من بلادهم إن لم يسكت عن ذلك، وذلك أن لوطاً # كان أصله(١) من العراق، وإنما هاجر إليهم بأمر من الله سبحانه وتعالى.
  {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ(٢) مِنَ الْقَالِينَ ١٦٨} يخاطب لوط # قومه بأنه بريء من أعمالهم هذه، وأنه كاره لها أشد الكره.
  {رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ١٦٩} ودعا الله سبحانه وتعالى أن ينجيه من العذاب الذي هو نازل بهم بسبب كفرهم وعصيانهم وارتكابهم الفواحش.
  {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ١٧٠} ثم إن الله تعالى أنزل عذابه بهم فاستأصلهم جميعاً، بما في ذلك مساكنهم وما يملكون، وكانوا يسكنون خمس قرى.
  {إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ(٣) ١٧١ ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ ١٧٢} إلا امرأة لوط # فقد أهلكها الله مع قومه؛ لأنها كانت كافرة. ومعنى «في الغابرين»: الباقين في الهلاك.
  {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ١٧٣} وهذا هو العذاب الذي أنزله الله سبحانه وتعالى بهم، وهو أنه قلب قراهم فجعل عاليها سافلها، وأما من
(١) سؤال: كيف نجمع بين هذا وبين مفهوم الآية السابقة: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ١٦١}؟
الجواب: ليس المراد بأخوَّة لوط لقومه أنه أخوهم من النسب، بل المراد أخوة الصحبة والجوار والمخالطة؛ إذ المشهور - والله أعلم - أن لوطاً # من العراق، وكان ممن آمن بإبراهيم # حين بعثه الله تعالى إلى أهل بابل، فآمن به لوط لا غير في العراق قبل أن يهاجر إلى أرض الشام، قال تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ [أي: إبراهيم] إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي}[العنكبوت: ٢٦].
(٢) سؤال: هل يؤخذ من هذه الآية أن النهي باللسان يغني عن النهي بالفعل، أم كيف؟
الجواب: نعم، يؤخذ منها ذلك إذا عجز عن تغيير المنكر بيده؛ إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
(٣) سؤال: ما فائدة تنكير لفظة {عَجُوزًا}؟ وما محل قوله: {فِي الْغَابِرِينَ}؟
الجواب: فائدته التحقير، و «في الغابرين» في محل نصب صفة لعجوز، أي: إلا عجوزاً غابرة.