سورة الشعراء
  وخلق جميع الأمم التي كانت قبلهم، فإنهم إذا نظروا في عجيب خلقهم وكيفية ابتداء منشئهم فإن ذلك سيوصلهم إلى أنه لا بد من قادر حكيم عالم بخفايا الأمور وهو الله تعالى.
  {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ(١) ١٨٥} فأغلظوا في الرد عليه، واتهموه بالمس والجنون والهذيان.
  {وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ١٨٦}(٢) يزعمون أنه لا يصح أن يكون نبيٌ من البشر، ولا بد أن يكون من جنس غير جنسهم، وزعموا أن الله تعالى لو أراد أن يرسل رسولاً لاتخذ له رسولاً من الملائكة أو نحوهم.
  {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ١٨٧} وطلبوا منه أن يسقط عليهم قطعاً من السماء إن كان صادقاً فيما يزعم، مما يدل على شدة عنادهم وتمردهم وكبرهم حين يطلبون منه هذا المطلب.
  {قَالَ رَبِّي(٣) أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ١٨٨ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ(٤) إِنَّهُ
(١) سؤال: ما أصل هذه الكلمة؟ وهل في تضعيفها زيادة في المعنى؟
الجواب: أصل الكلمة السحر فهي مأخوذة منه وفائدة تضعيفها لتدل على أنه سُحِرَ كثيراً حتى غُلِبَ على عقله.
(٢) سؤال: ما إعراب: {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ١٨٦}؟
الجواب: «إن» هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والجملة التي بعدها في محل رفع خبرها واللام هي الفارقة.
(٣) سؤال: هل في جوابه هذا دليل على أنه بلغ الغاية في التلطف بهم والإشفاق عليهم عندما لم يدعُ عليهم بما طلبوه؟
الجواب: نعم فيه دليل على ما ذكرتم وهكذا كان رسل الله وأنبياؤه À فقد بلغوا الغاية في سعة الصدر والشفقة على أممهم.
(٤) سؤال: يقال: ظاهر آية الأعراف: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}[الأعراف: ٨٧]، أن العذاب بزلزلة الأرض فكيف نجمع بينها وبين هذه الآية؟
الجواب: يكون الجمع بأن المقصود في الآيتين هو الكناية عن أخذهم أخذة شديدة تستأصلهم، فقد =