سورة الشعراء
  عليهم بالعذاب الذي يتوعدهم به، فرد الله سبحانه وتعالى عليهم: لماذا يستعجلون نزوله؟ وأي راحة لكم فيه حتى تستعجلوه؟ وكيف تستعجلون الشيء المكروه؟
  {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ(١) ٢٠٥ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ ٢٠٦ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا(٢) يُمَتَّعُونَ ٢٠٧} أخبرني يا محمد إن أمهلناهم عدة سنوات ثم نزل عليهم العذاب؛ فماذا يستفيدون من إمهالهم ذلك؟
  {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ(٣) ٢٠٨ ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ ٢٠٩}(٤)
= وتهكم بهم، حيث وصل بهم الجهل والغفلة والسخافة إلى أن يطلبوا نزول ذلك العذاب العظيم.
(١) سؤال: أين جواب الشرط: {إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ٢٠٥}؟
الجواب: جواب الشرط محذوف يدل عليه قوله: {مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ٢٠٧}.
(٢) سؤال: ما معنى «ما» في قوله: {مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ٢٠٧}؟
الجواب: «ما» مصدرية أي: تمتيعهم.
(٣) سؤال: ما إعراب جملة: {لَهَا مُنْذِرُونَ ٢٠٨}؟ وكذا: {ذِكْرَى}؟
الجواب: تعرب الجملة صفة لقومه فهي في محل نصب أو تكون حالية لأن النفي مسوغ، و «ذكرى» مفعول من أجله.
(٤) سؤال: يقال: مفهوم: {وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ ٢٠٩} أنه لو عذبهم قبل إنزال الحجج وإرسال الرسل لكان ظلماً؛ فكيف بما تقدم لكم في الفنقلة في سورة الإسراء، وكذا ما اشتهر عن أغلب أصحابنا - أنهم يعذبون على الإخلال بالتكاليف العقلية؟
الجواب: قد فسر في المصابيح قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ ٢٠٩} بقوله: فنهلك قوماً غير ظالمين، أو قبل أن نرسل إليهم؛ لذلك يضعف الاستدلال بها بعض الضعف على الحكم بالظلم فيما لو عذبهم الله قبل إرسال الرسل، والذي يبدو لي - والله أعلم - أن السبب والعلة في أن الله تعالى لن يعذب حتى يبعث رسولاً هو قطع حجج المعذبين كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ١٣٤}[طه]، وينبغي التفصيل هنا لما يستحقون عليه العذاب قبل بعثة الرسول، وما لا يستحقون عليه العذاب إلا بعد بعثة الرسول، فالذي يستحقون عليه العذاب: هو الكفر بالله والشرك به، وظلم العباد، والبغي والفساد في الأرض، وذلك لوضوح الدلائل في فطر العقول على خالق عليم قادر عظيم، وعلى بطلان إلهية ما =