سورة الشعراء
  نبيه ÷ أن يتخذ إلهاً آخر مع الله تعالى فيأخذه بالعذاب.
  بدأ الله تعالى في تعليم نبيه ÷ بدين التوحيد الذي هو معرفته، ثم بعد(١) ذلك قال: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ٢١٤} ثم أمره أن يدعو أقاربه وأرحامه قبل الناس جميعاً.
  {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٢١٥}(٢) وأمره بالتواضع، مما يدل على أهمية ذلك، وأنه الركيزة الأساسية في الدين، والوسيلة الناجحة في الدعوة إلى الله تعالى، ومن أكبر أسباب القبول.
  {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ٢١٦} فإن رفضوا القبول والإذعان فأخبرهم بأنك غير راضٍ عن شركهم(٣) وكفرهم، وتبرأ منهم.
(١) سؤال: هل فهمت بعدية الإنذار من الواو أم من ماذا؟
الجواب: فهم من الواو بمعونة ما يقضي به العقل من الترتيب، فالمفروض أن لا يكون الإنذار إلا بعد أن يطمئن الفؤاد بحقائق الإيمان.
(٢) سؤال: ما هو الحكم الفقهي المستفاد من هذه الآية للمرشد والعالم؟
الجواب: ليعلم الدعاة والمرشدون أنهم قائمون بدعوة رسول الله، يدعون إلى ما كان يدعو إليه، ويرشدون الناس إلى ما كان يرشدهم إليه رسول الله ÷، وليعلموا أنهم لن ينجحوا في دعوتهم ولن يثمر إرشادهم إلا إذا أخذوا بما تضمنته هذه الآية، والتزموا به، من: التواضع للمؤمنين، وإظهار الشفقة عليهم، والمحبة لهم، والعفو عنهم، والإغماض عن هفواتهم، والدعاء لهم، وأن يكون لهم كالأب الحنون والأخ الشفيق، يعود مرضاهم، ويسأل عن غائبهم، ويجيب دعوتهم، ويفرج همومهم، ويفسح لهم في المجلس، ويعظمهم، وإلى آخر ما يقدر عليه من كريم الأخلاق ورفيع الآداب، فقد كان رسول الله ÷ كذلك، بل أعظم من ذلك؛ لذلك نجح ÷ في دعوته وتبليغ رسالته قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ...}[آل عمران: ١٥٩].
(٣) سؤال: يقال: ظاهر الضمير في {عَصَوْكَ} يعود للمؤمنين فكيف؟
الجواب: الضمير يعود إلى «عشيرتك الأقربين»، حيث أن الله تعالى أمره بإنذارهم، وبخفض جناحه لمن اتبعه، والتبرؤ ممن عصاه منهم ولم يتبعه، هكذا يدل السياق.