محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة النمل

صفحة 223 - الجزء 3

  وصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين الذين يهتدون بهديه وينتفعون بآياته بأنهم الذين يقيمون الصلاة، ويخرجون زكاة أموالهم، ويصدقون بالبعث والحساب، فهؤلاء هم الذين يتدبرون آياته، وينتفعون بهديها، وأما أولئك الكافرون المتكبرون فلا حظ لهم في فهمها وتدبر ما فيها.

  {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ} زين الله تعالى للكافرين دين⁣(⁣١) الإسلام وسبل السلام وما أعده من النعيم لأهل طاعته، فأعرضوا وكذبوا واستكبروا، وأصروا على البقاء في ظلام الكفر وأودية الضلال.

  {فَهُمْ يَعْمَهُونَ ٤} فهم يسيرون على غير هدى.

  {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ٥} وهؤلاء الذين هذه صفتهم هم أهل عذاب الله تعالى وسخطه، وهم الذين سيكون نصيبهم الخسران والهلاك في الآخرة.

  {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى⁣(⁣٢) الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ٦} ثم خاطب الله تعالى نبيه ÷ بأنه يتلقى القرآن ويأخذه من عند حكيم عليم، لا كما يقوله المشركون بأنه ليس إلا كلام السحر والشعبذة والجنون.


(١) سؤال: من فضلكم إذا قيل: قوله: {فَهُمْ يَعْمَهُونَ ٤} يدل على أن التزيين لأعمال الكفر وإن كانت حقيقته مستحيلة على الله، فكيف يجاب على هذا؟ وما المأخذ لتفسيركم؟

الجواب: ما ذكرناه في التفسير هو أحد التفاسير التي ذكرت في الكشاف وهو معزو إلى الحسن البصري، وهو غير سالم من الاعتراض كما ذكرتم، والأولى أن نحمل التزيين المسند إلى الله تعالى في هذه الآية على فعل سببه الذي هو تمتيعهم بطول الأعمار وسعة الأرزاق وإمدادهم بالصحة والعافية، مع ما في طبائع البشر عموماً من الغرائز والشهوات.

(٢) سؤال: فضلاً ما أصل هذا الفعل؟ وما هي معمولاته؟

الجواب: أصله التلقي وهو الأخذ عن الغير وهو مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر، وهو المفعول الأول في الأصل، و «القرآن» المفعول به الثاني.