سورة البقرة
  {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}(١) وسبب ذلك أنهم يستحلون الربا، ويقولون: هو بيع حلال فأجاب الله عليهم فقال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} ليس الأمر كما تقولون فإن الله حرم الربا وأحل البيع.
  {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٢٧٥} قال الله لأهل الربا: من جاءه موعظة من ربه فانتهى عن أخذ الربا والتعامل به، وتاب إلى الله ورجع إليه فله ما قد كسبه من الأموال عن طريق الربا فيما مضى لا يسأله الله تعالى عنها ولا يحاسبه عليها، ولا يلزمه التصدق بها، والله يغفر له(٢)، وأما من عاد إلى أكل الربا والمعاملة به بعدما جاءه موعظة من ربه فهو من أهل النار خالداً فيها.
(١) سؤال: هل المراد بالربا الذي يعتقدونه مثل البيع ربا الفضل والنسيئة، أم ربا الجاهلية: «إما أن تقضي وإما أن تربي» فظاهر هذا في الدين؟
الجواب: المراد ربا الجاهلية وكانوا يبيعون بالدين، فإذا حل الأجل قالوا: «إما أن تقضي وإما أن تربي»، ولم يكونوا يعرفون في الجاهلية ربا الفضل والنسيئة.
سؤال: هل التشبيه مقلوب: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} فما فائدته؟
الجواب: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} تشبيه مقلوب للمبالغة في تحليل الربا، وكان الأصل: إنما الربا مثل البيع.
(٢) سؤال: قد يقال: ظاهر قوله: {وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} ليس القطع بالمغفرة، فكيف يمكن توجيه ذلك؟
الجواب: قوله تعالى قبلها: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} يفيد عدم المؤاخذة بما سلف من الربا؛ لأن اللام تفيد الملك للآخذ، أو الاستحقاق في قوله: {فَلَهُ مَا سَلَفَ}، فعلم من ذلك أن الله تعالى قد حكم بما سلف للآخذ، وجعله له دون من أربا له. وبعد، فهذه الآية: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ} ... الآية، هي تفصيل لما علم إجمالاً مما قبلها لذلك قرنت بالفاء التفصيلية، فجعلت أهل الربا قسمين اثنين أي: بعد أن جاءهم موعظة من ربهم:
- الأول: فانتهوا عن الربا، {فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ}.
- الثاني: العائد إلى الربا، {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٢٧٥}.
- والتفصيل يراد به الفرق في الحكم بين القسمين، فعلم أن حكم الأول غير حكم الثاني.