محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة العنكبوت

صفحة 318 - الجزء 3

  {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ⁣(⁣١) الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ٧} هذا وعد من الله سبحانه وتعالى للذين آمنوا به وبرسوله وعملوا الأعمال الصالحة وما كلفوا به، وعدهم الله بأنه سيمحو أعمالهم السيئة التي كانوا يعملونها وسيجازيهم بأجزل الثواب وأفضله.

  {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}⁣(⁣٢) ثم انتقل الله سبحانه وتعالى إلى تفصيل حق الوالدين؛ لما لهما من المنزلة العظيمة والحقوق على الولد، فأمر وحتم وألزم الولد بالإحسان إلى والديه ولو كانا كافرين.

  {وَإِنْ جَاهَدَاكَ⁣(⁣٣) لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} فأمر بطاعتهما في كل شيء، واستثنى من ذلك معصية الله تعالى والشرك به، فلا طاعة لهما في معصية الخالق.

  {إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٨} والولد والوالد مرجعهم جميعاً إلى الله تعالى وسيقفون بين يديه فيجازي كل واحد منهم على ما عمل من عمل⁣(⁣٤).


(١) سؤال: هل قوله: «أحسن» مفعول ثان؟ أم أنه حذف حرف الجر منه؛ من فضلكم بيِّنوا ذلك ليتضح المعنى؟

الجواب: هو مفعول ثان لتضمن الجزاء لمعنى الإعطاء، ويصح أن ينصب بنزع الخافض وهو الباء.

(٢) سؤال: ما إعراب «حسناً» تفصيلاً؟

الجواب: حسناً: مفعول مطلق؛ لأن التقدير: ووصينا الإنسان بوالديه إيصاءً ذا حسن، وقد أعربوه على عدة وجوه، ولكن ما ذكرناه أقربها، والله أعلم.

(٣) سؤال: ما الوجه في تسمية عملهما جهاداً؟

الجواب: الوجه أنه لا يتوقع من المؤمن أن يترك الإيمان لأجل والديه المشركين، إلا إذا ألح عليه الوالدان من الترغيب والترهيب والتهديد والتضييق والحبس والقيد و ... إلخ، فيتوقع في مثل هذه الحالة أن يطيع الولد والديه ويرتد عن الإيمان إلى الشرك. ومعنى «جاهداك» أي: بذلا جهدهما وبذلا وسعهما في الرجوع إلى الشرك، فنهى الله تعالى المؤمن إذا لقي من والديه مثل ما ذكرنا أن يطيعهما.

(٤) سؤال: هل في هذه الآية تهديد للوالد والولد أم كيف؟

الجواب: نعم فيها تهديد واضح وتحذير من مخالفة أمره.