سورة العنكبوت
  {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ٩}(١) فأهل الإيمان والأعمال الصالحة سيلحقهم الله تعالى بعباده الصالحين من الأنبياء والمرسلين، وسيدخلهم معهم في رحمته وثوابه.
  {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} يخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن بعضهم يأتي إليه مدعياً أنه مؤمن بالله وبنبيه بلسانه فقط، وأما قلبه فلا زال على الكفر والنفاق.
  {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}(٢) كانت قريش إذا آمن أحد من أولادهم أو عبيدهم يحبسونه ويضربونه ويعذبونه حتى يرجع إلى الكفر، فحثهم الله سبحانه وتعالى في هذه الآية على الصبر على الإيمان وتحمل الأذى فعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وأنه لا يصح لهم أن يرجعوا إلى الكفر لأجل ما يلحقهم من العذاب، وأن الأولى بهم أن يتحملوا ما يلحقهم من عذاب الناس بدل أن يعرضوا أنفسهم لعذاب الله تعالى. ومعنى «فتنة الناس»: تعذيبهم.
  {وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ(٣) إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ} هؤلاء الذين هم
(١) سؤال: هل «في» في قوله: «في الصالحين» على بابها؟ أم كيف؟
الجواب: الذي يظهر أنها على بابها أي: في جملة الصالحين وبينهم.
(٢) سؤال: ظاهر الآية أن الوعيد على عدم تحمل العذاب والأذية، وهذا يشكل مع قوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦]، وقول النبي لعمار: «إن عادوا لك بمثلها فعد لهم»؟ أم أنه مقيد في هذه الآية بضعف الإيمان والتخلي عنه في القلب؟ فما قرائن ذلك؟
الجواب: المراد بهذا هو الذي يكفر ويتخلى عن الإيمان ظاهراً وباطناً للإكراه ودليل ذلك قوله: {جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} فخوف الله وخوف عذابه باعث قوي للدخول في دين الله ظاهراً وباطناً فمساواة فتنة الناس بعذاب الله تشير إلى أن فتنة الناس قد أخرجتهم من الدين ظاهراً وباطناً.
وكذلك قوله تعالى: {أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ١٠} فإن فيه ما يشهد لما ذكرنا.
(٣) سؤال: هل الفعل «ليقولن» للمفرد أم للجمع لضم لامه؟
الجواب: الفعل للجمع لضم لامه، وأصله ليقولون، ثم لما أكدوه بالنون الثقيلة حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال وحذفت واو الجماعة لالتقاء الساكنين وتركوا الضمة للدلالة عليها.