محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة العنكبوت

صفحة 320 - الجزء 3

  ضعاف الإيمان أخبر الله سبحانه وتعالى عنهم بأنه إذا حصل نصر للنبي ÷ وغنائم فإنهم يقبلون إليه يطلبون نصيبهم وحصتهم منها بدعوى أنهم مؤمنون وأنهم مع النبي ÷، وأما في الحقيقة فهم ليسوا كذلك فقد ارتدوا عن الإيمان وأصبحوا منافقين.

  {أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ١٠} فهو سبحانه وتعالى مطلع على قلب كل إنسان، وعالم بما استكن في داخله من الإيمان والكفر.

  {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ١١} أكد الله سبحانه وتعالى على أنه لا بد أن يكشف أمر المؤمن وأمر المنافق بحيث تظهر حقيقة كل واحد أمام الناس جميعاً، وذلك بما يفتنهم ويختبرهم من التكاليف التي تُظْهِر كل واحد على حقيقته.

  {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ⁣(⁣١) خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ١٢} كان أناس من المشركين يرغبون أناساً من المؤمنين في الكفر مقابل أن يتحملوا عنهم وزر كفرهم، فأنزل الله سبحانه وتعالى على نبيه ÷ هذه الآية ليخبرهم بأنه لن يحمل أحد ذنب أحد، وأن كل امرئ مسؤول عن عمله لا يحمله عنه أحد.

  {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} سيحملون وزر أعمالهم وكفرهم وسيتحملون ذنوب وأوزار أولئك الذين⁣(⁣٢) كانوا يضلونهم ويصدونهم عن الإيمان


(١) سؤال: كيف يتأتى من الإنسان أن يأمر نفسه؟

الجواب: الأمر هنا بمعنى الخبر بدليل قوله في آخر الآية: {إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ١٢} ودخول لام الأمر على الفعل المضارع المبدوء بنون المتكلمين أو بهمزة المتكلم جائز وإن كان قليلاً.

(٢) سؤال: يقال: ظاهر هذا مع مدلول: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ}⁣[النحل: ٢٥]، يعارض: {وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ} فكيف يُجمع بين المفهومين؟

الجواب: في الحديث: «ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من =