محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة العنكبوت

صفحة 323 - الجزء 3

  ويوقظ عقولهم بأن ينظروا بها إلى حقيقة ما يعبدون، فليست إلا أحجاراً ينحتونها بأيديهم، فكيف ينسبون إليها الربوبية والإلهية وهم يعلمون أنها بعيدة عن ذلك كل البعد. ومعنى «وتخلقون إفكاً»: تفترون كذباً قبيحاً.

  {إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا}⁣(⁣١) وأن ينظروا إلى هذه التي يعبدونها من دون الله هل تستطيع أن تجلب لهم الرزق؟

  {فَابْتَغُوا⁣(⁣٢) عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ١٧}⁣(⁣٣) فالحق أن تعبدوا الله سبحانه وتعالى وحده دون الحجارة، وتطلبوا منه الرزق فهو وحده الذي بيده ذلك، وأن تشكروه على نعمه عليكم فمرجعكم إليه وهو الذي سيجازيكم على أعمالكم.


= ونظروا قبل أن يخرجوه للناس. ويؤخذ من الآية: جواز تسمية الفعل المتقن المحكم الصادر من الإنسان خلقاً، وهذا مأخذ واضح. وعدول أكثر العدلية والزيدية إلى لفظ: «فاعل الشر» ونحوه بدلاً عن: «خالق الشر» ونحوه هو من أجل أن أفعال الشر في الغالب خالية عن التقدير، ويمكن أن يقال: قد نقل العرف العام الخلق وما تصرف منه عن معناه العام في اللغة إلى معنى خاص، هو ما أوجده الخلاق العليم.

(١) سؤال: ما السر في فصل هذه الجملة عن سابقتها؟

الجواب: فصلت لأنها علة لما قبلها أي: في جواب سؤال مقدر عن العلة.

(٢) سؤال: ما معنى الفاء هنا؟

الجواب: هي الفاء الفصيحة لأنها في جواب شرط مقدرٍ، هكذا: إن كانوا لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا ... إلخ.

(٣) سؤال: ما السر في تعدية الفعل «اشكروا» باللام في قوله: «اشكروا له» وهو يتعدى بنفسه؟ وما العلة في فصل جملة: {إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ١٧} عما قبلها؟

الجواب: فعل الشكر يتعدى إلى المفعول به بنفسه وباللام، وباللام أفصح كما في الصحاح. وفصلت جملة: «إليه ترجعون» عما قبلها لأنها علة لما قبلها.