سورة العنكبوت
  ويوقظ عقولهم بأن ينظروا بها إلى حقيقة ما يعبدون، فليست إلا أحجاراً ينحتونها بأيديهم، فكيف ينسبون إليها الربوبية والإلهية وهم يعلمون أنها بعيدة عن ذلك كل البعد. ومعنى «وتخلقون إفكاً»: تفترون كذباً قبيحاً.
  {إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا}(١) وأن ينظروا إلى هذه التي يعبدونها من دون الله هل تستطيع أن تجلب لهم الرزق؟
  {فَابْتَغُوا(٢) عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ١٧}(٣) فالحق أن تعبدوا الله سبحانه وتعالى وحده دون الحجارة، وتطلبوا منه الرزق فهو وحده الذي بيده ذلك، وأن تشكروه على نعمه عليكم فمرجعكم إليه وهو الذي سيجازيكم على أعمالكم.
= ونظروا قبل أن يخرجوه للناس. ويؤخذ من الآية: جواز تسمية الفعل المتقن المحكم الصادر من الإنسان خلقاً، وهذا مأخذ واضح. وعدول أكثر العدلية والزيدية إلى لفظ: «فاعل الشر» ونحوه بدلاً عن: «خالق الشر» ونحوه هو من أجل أن أفعال الشر في الغالب خالية عن التقدير، ويمكن أن يقال: قد نقل العرف العام الخلق وما تصرف منه عن معناه العام في اللغة إلى معنى خاص، هو ما أوجده الخلاق العليم.
(١) سؤال: ما السر في فصل هذه الجملة عن سابقتها؟
الجواب: فصلت لأنها علة لما قبلها أي: في جواب سؤال مقدر عن العلة.
(٢) سؤال: ما معنى الفاء هنا؟
الجواب: هي الفاء الفصيحة لأنها في جواب شرط مقدرٍ، هكذا: إن كانوا لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا ... إلخ.
(٣) سؤال: ما السر في تعدية الفعل «اشكروا» باللام في قوله: «اشكروا له» وهو يتعدى بنفسه؟ وما العلة في فصل جملة: {إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ١٧} عما قبلها؟
الجواب: فعل الشكر يتعدى إلى المفعول به بنفسه وباللام، وباللام أفصح كما في الصحاح. وفصلت جملة: «إليه ترجعون» عما قبلها لأنها علة لما قبلها.