محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة العنكبوت

صفحة 324 - الجزء 3

  {وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ} فانظروا إلى تلك الأمم كيف كان مصيرها عندما كفرت وكذبت بأنبيائها، وكيف أهلكهم الله سبحانه وتعالى بسبب ذلك، وأنتم إن كذبتم فسيحل بكم مثل ما حل بهم.

  {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ١٨} وأخبرهم الله أن نبيه ÷ قد فعل ما يجب عليه من تبليغهم وإعذارهم وإنذارهم، وأما أمر حسابهم وجزائهم فهو على الله سبحانه وتعالى وهو الذي سيتولى ذلك.

  {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ⁣(⁣١) اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ١٩} ثم وجه الله سبحانه وتعالى الخطاب إلى مشركي قريش؛ لأنهم كانوا ينكرون البعث والحساب، ويزعمون أن من مات فقد انتهى بموته كل شيء، فكيف يستطيع الله تعالى أن يحيي العظام وقد صارت تراباً؟ فأمرهم الله سبحانه وتعالى أن ينظروا ويتفكروا في بداية خلقهم كيف خلقهم وأوجدهم من العدم؟ فإن فطر عقولهم ستذعن إلى أن الذي قدر على خلقهم وإيجادهم من العدم قادر على أن يعيد خلقهم مرة أخرى.

  {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ}⁣(⁣٢) ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يأمر قومه أن يسيروا في الأرض فينظروا في مخلوقاته كيف أوجدها واخترعها من العدم بقدرته.


(١) سؤال: ما العلة في التعبير بالرباعي في الفعل «يبدئ» مع صلاحية الثلاثي، كما في الآية التي بعدها، إن لم نقل بعدم صلاحية الرباعي كما يتبادر إلى الأذهان؟

الجواب: الثلاثي «بدأ» والرباعي «أبدأ» بمعنى واحد، كما في مختار الصحاح، ولعل اختيار الرباعي في الآية الأولى لمجاورته لقوله: «يعيده» فيتوافقا في الوزن.

(٢) سؤال: هل هذه الآية تكرير لسابقتها؟ أم أن فيها فائدة جديدة؟ وضحوا ذلك.

الجواب: ليس في ذلك تكرير؛ لأن الآية الأولى استنكر الله فيها عدم نظرهم فيما خلق من آياته، وفي هذه الآية أمرهم بالنظر، وهي نحو أن تقول: ما لك يا فلان لا تقرأ ولا تتعلم، اقرأ وتعلم.