محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة العنكبوت

صفحة 326 - الجزء 3

  عَذَابٌ أَلِيمٌ ٢٣}⁣(⁣١) تهديد من الله سبحانه وتعالى للمكذبين بآياته وبأنبيائه ورسله والمنكرين للبعث والحساب، فأخبرهم أن لا حظ ولا نصيب لهم في شيء من رحمته وثوابه.

  {فَمَا كَانَ⁣(⁣٢) جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٢٤}⁣(⁣٣) فعندما دعاهم إبراهيم # إلى الله تعالى وإلى عبادته وترك عبادة الأصنام كان جوابهم عليه أن أضرموا له النار ليلقوه فيها ويستريحوا منه، ولكن الله سبحانه وتعالى جعلها برداً وسلاماً عليه فخرج منها أمام


(١) سؤال: ما السر في التعبير عن حرمانهم بالماضي وذلك في قوله: {يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي}؟ وما فائدة إعادة المبتدأ باسم الإشارة «أولئك»؟

الجواب: التعبير بالماضي هو الظاهر فقد يئس الذين كفروا بآيات الله ولقائه من رحمة الله في الدنيا، فكل كافر بذلك هو يائس في الدنيا من رحمة الله لا يؤمل ولا يرجو شيئاً من رحمة الله وثوابه. وأعيد اسم الإشارة في قوله: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٢٣} ليشير إلى أنه قد ظهر استحقاقهم للعذاب الأليم وانكشف، وكأنه قد استوضح للناس جميعاً.

(٢) سؤال: أين اسم كان في هذه الآية؟

الجواب: اسمها هو «أن قالوا»، فهو في تأويل مصدر مرفوع.

(٣) سؤال: يقال: ما العلة والحكمة في تأخير جواب قوم إبراهيم عن آية دعائه لهم مع تخلل ست آيات في الحديث عن كفار قريش؟ وهل لها نظير؟

الجواب: هذا من باب الاستطراد، وهو باب يحسن عند أهل البلاغة، فيحسن من المتكلم أن يخرج من الموضوع الأصلي إلى موضوع آخر إذا حصل سبب لذلك، ثم إلى موضوع آخر، ثم إلى آخر، ثم يعود للموضوع الأصلي. وفي القرآن الكريم أمثلة من ذلك قوله تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}⁣[الإسراء: ١٠٥]، فإنه مرتبط بقوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ...}⁣[الإسراء: ٨٨]، وبين ذلك أكثر من عشر آيات، وليس ذلك بعيب في الكلام بل إنه مما يستظرف ويحسن عند البلغاء غاية الإحسان.