محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة البقرة

صفحة 174 - الجزء 1

  {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} السمع والطاعة لله تعالى وامتثال أمره من أركان الإيمان، فلا بد أن ينضم ذلك مع الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله جميعاً وإلا لم يتم الإيمان.

  {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ٢٨٥}⁣(⁣١) بعدما قالوا: سمعنا وأطعنا سألوا الله أن يغفر لهم ما سلف: من أعمالهم السيئة، ومن الشرك والظلم وغير ذلك، {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ٢٨٥} اعترفوا بأنهم راجعون إلى الله لحسابهم.

  {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} لا يكلف الله الإنسان إلا على قدر جهده ومقدرته، {لَهَا مَا كَسَبَتْ} من ثواب الأعمال الصالحة، {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} من جزاء الأعمال السيئة.

  {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا} هذا دعاء من النبي والذين آمنوا، {إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} فالإنسان محل الخطأ والنسيان، وقد يعصي اللهَ المرءُ عن طريق الخطأ والنسيان وقد يحصل تقصير وغفلة عن طريق الخطأ لكن الله لا يؤاخذ بذلك⁣(⁣٢).


(١) سؤال: علام انتصب «غفرانك»؟

الجواب: انتصب على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره: نسألك غفرانك، أو نطلب غفرانك.

(٢) سؤال: ما فائدة الدعاء بعدم المؤاخذة إذا كان الإنسان لا يؤاخذ بالخطأ؟

الجواب: جاء هذا الدعاء بعد قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} وفي قوله: «وعليها ما اكتسبت» عموم يشمل العمد والخطأ والنسيان، فخص الله تعالى ذلك العموم بالعمد وأخرج الخطأ والنسيان بقوله بعد ذلك مباشرة: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا} إلا أن التخصيص جاء بصورة الدعاء لوجوه حسنته:

١ - أن التخصيص توسط بين الدعاء فحسن لذلك أن يصطبغ بصبغته، وهذا الصنيع كثير في لغة العرب.

٢ - أن إظهار التذلل والفقر والحاجة إلى الله بالدعاء أمر يحبه الله تعالى ويثيب عليه، ولو كان مما على الله تعالى أن يفعله أو لا يفعله، ومن هذا الباب أمر الله تعالى للمؤمنين بالصلاة على النبي ÷ بعد أن أكد لهم أنه تعالى يصلي عليه هو وملائكته، والحكمة في أمر الله تعالى للمؤمنين بالصلاة على نبيه ÷ - والله أعلم - هي أن في امتثالنا لأمر الله إظهاراً لفضل النبي ÷ وإعلاءً لذكره، وتشهيراً برفعته وعظيم منزلته، مع الاعتراف والشكر بما أجراه الله تعلى علينا من النعمة العظيمة على يديه ÷، فكذلك ما ذكرنا في قوله تعالى: =