محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الروم

صفحة 364 - الجزء 3

  {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ٢٨}⁣(⁣١) ضرب الله سبحانه وتعالى هذا المثل للمشركين على حسب ما يتعاملون به فيما بينهم ويتعايشون معه، فسألهم الله تعالى عما يملكونه من العبيد هل يرضون أن يشاركوهم في أملاكهم أم لا؟ وهل سيتركونهم يقتسمون معهم أملاكهم بالسواء أو تجعلون لهم نصيباً في ذلك؟ فهذا ما لا ترضونه أبداً؛ فكذلك الله سبحانه وتعالى لن يرضى لهذه المخلوقات أن تكون شركاء له في ملك السماوات والأرض، فكيف ترضون له ما لا ترضون لأنفسكم؟ إذاً أليس ظلماً أن تنسبوا إليه ما لا ترضون أن تنسبوه إلى أنفسكم؟

  {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}⁣(⁣٢) ولن يرضى أولئك المشركون بذلك على أنفسهم فلماذا يرضون لله ما لا يرضون لأنفسهم، ولكنهم إنما يتبعون أهواءهم وما تدعو إليه شهواتهم، ولا حجة لهم ولا دليل فيما يدعونه من الشركاء مع الله جل وعلا.

  {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ} وقد حكم⁣(⁣٣) الله سبحانه وتعالى بضلالهم


(١) سؤال: ما معنى «من» في قوله: {مِنْ أَنْفُسِكُمْ}؟ وما إعراب: {مِنْ شُرَكَاءَ}؟ وما محل جملة: {تَخَافُونَهُمْ

الجواب: معنى «من» ابتداء الغاية أي: كائناً من أنفسكم (ناشئاً من أنفسكم)، و «من شركاء» شركاء: مبتدأ مرفوع محلاً مجرور لفظاً بمن الزائدة، و «لكم» خبره مقدم. «تخافونهم» في محل رفع خبر ثان لأنتم.

(٢) سؤال: بماذا تعلق «بغير علم»؟

الجواب: تعلق «بغير علم» بمحذوف حال من فاعل اتبع أي: اتبعوا أهواءهم حال كونهم جاهلين أو مصاحبين للجهل.

(٣) سؤال: إذا طولبنا بالدليل الموجب لحمل إضلال الله على الحكم بالضلال؟ فهل قوله في نفس الآية: {اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ} من ذلك الدليل؟

الجواب: نعم، فذلك الذي دعانا إلى تفسير الإضلال بالحكم والتسمية، أي: أن الله تعالى حكم =