سورة الروم
  معرفة الدين الحق، وأولئك الذين اتبعوا غيره إنما استجابوا لما استهوتهم الشياطين إليه وما نشأوا عليه في تلك المجتمعات الكافرة حتى تربوا على طريقتها، وإلا فكل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذين يهودانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجِّسَانه، فإنهم لو تركوا الإنسان وما تدعو إليه فطرته وغريزته لآمن بالله تعالى وصدق بما جاءت به رسله.
  {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ٣٠} فهي فطرة الله تعالى ولن يستطيع أحد أن يبدل خلق الله أو يغيره(١).
= بدء التمييز يكثر السؤال على أبويه: من الذي فعل ذاك؟ ومن الذي فعل هذا؟ من الذي أعطاك هذا؟ و ... إلخ؛ لهذا فإن البشر جميعاً يتوجهون إلى ذلك الغائب بما غرز الله في عقولهم حتمية وجوده، إلا أن الأبوين والمجتمعات توجه الصغار والناشئين إلى الدين الذي هم عليه، هكذا البشر على طول التاريخ، إلا أنه في القرن الماضي ثارت ثورة على الدين هي ثورة الشيوعية فحاربوا الأديان جميعاً، وغلقوا أبواب الدين والديانة وجعلوا الطاعة كلها للدولة والحزب الحاكم، وجميع الرعايا عمال مع الدولة وكل شيء للدولة، ومن زرع وحصد فللدولة، والمصانع والمنتجات للدولة، والأرض كلها للدولة، ولا يملك المواطن شيئاً، وعلى الدولة نفقات الشعب وكسوتهم ومساكنهم وعلاجهم وكل ما يحتاجون إليه بحساب دقيق، والشعب كله عمال مسخرون، أي: أن الشعب كله عبيد مماليك للدولة. وقد استمر هذا الوضع سبعين عاماً على شعوب دولة الإتحاد السوفيتي إلى أن تفككت في أواخر القرن الماضي. وما جاءت به الشيوعية هو دين أيضاً حيث جعلت الدولة لنفسها منزلة الربوبية، وجعلت الشعب لها عبيداً مسخرين في طاعتها وجردتهم من الأملاك التي كانت بأيديهم، وحظرت عليهم التملك و ... إلخ.
(١) سؤال: يقال: كيف نجمع بين هذا وبين الحديث: «يهودانه أو ... إلخ»؟ وما أوضحتموه في شرحه فقد يفهم منه أن بمقدور الشياطين ونحوهم أن يبدلوا تلك الفطرة؟
الجواب: لا يقدر الشياطين على تبديل الفطرة، ولكنهم يضلون الفطرة، ويسلكون بها في طريق غير الطريق التي لو تُرِكت لسارت فيها، ثم يزينون لها الدين الذي أوصلوها إليه، ويذمون لها ما =