سورة الروم
  المتفرقين قطعاً وأحزاباً(١).
  {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً(٢) إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ٣٣}(٣) أخبر الله تعالى في هذه الآية عن طبيعة البشر بشكلٍ عام بأنهم إذا أصابهم ضر وشدة ومصيبة توجهوا إليه، وانقطعوا إليه؛ ليفك عنهم ما حل بهم من المصائب، ويخلصهم من تلك الشدائد، وينسون عند ذلك تلك الآلهة التي يعبدونها؛ فإذا كشف الله عنهم ذلك الضر وتلك البلوى رجعوا إلى ما كانوا عليه من الشرك والضلال، ونسوا الله تعالى.
  {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ}(٤) وأنهم يرجعون إلى شركهم وأصنامهم ليكفروا بنعمة الله تعالى التي أنعم بها عليهم تمرداً وعناداً.
(١) سؤال: قد يعتقد المتمسك بالحق من المسلمين أن تمسكه من هذا التفرق المذموم حيث يرى أن فرقته الناجية، وغيرها في ضلال، وأنه قد شابه أولئك المتفرقين؛ فما توجيهكم في ذلك؟
الجواب: المقصود بالذين فرقوا دينهم الذين خالفوا الدين الحق، أما الذين أقاموا وجوههم للدين حنفاء وأنابوا إلى الله وأقاموا الصلاة واستقاموا على الصراط المستقيم، فليسوا داخلين في تلك الفرق المذمومة.
(٢) سؤال: ما السر في تقديم الجار والمجرور في قوله: {مِنْهُ رَحْمَةً}؟
الجواب: قدم للاهتمام والتركيز على كون الرحمة صادرة منه تعالى.
(٣) سؤال: هل في قوله: {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ} دلالة على إخراج المؤمنين الثابتين على إيمانهم في الرخاء والشدة؟ وهل في تقليل الدعاء والرجوع إلى الله من المؤمن في الرخاء عكس الشدة ما يخل بإيمانه؟
الجواب: في ذلك قرينة دالة على أنه أراد بالناس ما سوى المؤمنين، أي: أن المؤمنين لم يدخلوا في عموم الآية. وأما قلة الدعاء في حال الرخاء فلا يخل بالإيمان، فمن شأن المؤمن أن يكون مستشعراً للفقر إلى الله والحاجة إليه وأن الخير بيده، وأن يكون قلبه مائلاً إلى الله معتمداً عليه؛ لإيمانه أن أزِمَّة الأمور بيده ومصادرها عن قضائه، وأنه لا حول له ولا قوة؛ فما دام ذلك في قلبه وبين لحمه ودمه فهو من الذاكرين الله وإن قل ذكره بلسانه.
(٤) سؤال: هل يصح في هذه اللام أن تحمل على وجه آخر؟ وما معنى الفاء في قوله: «فتمتعوا»؟
=