محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الروم

صفحة 370 - الجزء 3

  أخذ منه، وأنه إن لم يعوضه في الدنيا فسيعوضه في الآخرة⁣(⁣١).

  {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٣٧} أولم يعلم أولئك المشركون وغيرهم أن الله تعالى هو الذي يعطي ويمنع ويوسع رزقه على من يشاء من عباده، ويضيق رزقه على من يشاء من عباده، وأن الناس لو أجالوا خواطرهم في هذا المجال لعرفوا أن ذلك آية من آياته الدالة على علمه وحكمته، وذلك لما جعل في ذلك من المصلحة العظيمة لعباده لكي تستمر حياتهم.

  فإذا نظر المرء في ذلك علم أن الدنيا لن تستقيم ولن تعمر إلا بذلك، وكذلك التكليف لن يتم إلا بذلك التفاوت بين عباده، وذلك بما يحصل فيه من الاختبار لهم هل سيصبر هذا على فقره، والآخر هل سيشكر على غناه، ويخرج ما أوجب الله سبحانه وتعالى عليه في أمواله؟ وبما يقع من تسخير عباده بعضهم لبعض لتتم الحياة، وتستقيم المعيشة، فلو كانوا جميعاً أغنياء فكيف ستكون حالتهم؟ وهل ستعمر الأرض؟ طبعاً لن يكون شيء من ذلك، ولما خدم بعضهم بعضاً، أو عمل بعضهم مع بعض، وكذلك العكس لو كانوا جميعاً فقراء.

  ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لن يعرف آياته هذه إلا المؤمنون.

  {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} أمر الله سبحانه وتعالى


(١) سؤال: هل توجه الناس واندفاعهم بقوة لإصلاح مزروعاتهم ومن ضمنها القات بعد الضريب مثلاً - يعد من الهلع وشدة الحرص أم لا، فما توجيهكم في ذلك؟

الجواب: ليس الاهتمام بإصلاح القات بعد الضريب من الهلع والحرص فقد أمر الله المؤمنين: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}⁣[الملك: ١٥]، ولم ينقطع رجاؤهم في الله وأملهم في فضله ورحمته فتوجهوا بعد الضريب إلى استصلاح ما فسد وتنميته والعناية به، ولا ضير على المؤمن فيما يعرض له من الحزن والضيق عند نزول نحو الضريب؛ فطبيعة البشر مبنية على الحزن والفرح والسرور والأمن وأضداد ذلك.