سورة الروم
  نبيه ÷ بصلة أرحامه وقرابته لما لهم من الحقوق التي أوجبها الله تعالى، ولما في ذلك من المصلحة التي تعود على الأقارب فيما بينهم من إنشاء الروابط، وتوثيق العلاقات وغير ذلك من المصالح الكثيرة العظيمة، وكذلك أمر بصلة المساكين(١) وأبناء السبيل، لما في ذلك من الثواب العظيم والمصلحة العظيمة.
  وقد وجه الله سبحانه وتعالى الخطاب هنا إلى نبيه ÷ لكونه كبير أمته، وباقي أمته تدخل تبعاً له.
  وأما صلتهم فلم يحددها الله سبحانه وتعالى بحد معلوم كالزكاة وما أشبهها فتركَ ذلك على حسب الظروف المحيطة، وعلى قدر التفاوت فيما بينهم من ناحية الغنى والفقر، فإذا كان أحد هؤلاء محتاجاً وأنت غني فيجب عليك أن تواسيه بقدر ما يسد حاجته وجوعته، وبما يكسوه ويستر عورته، وكذلك يجب على الأغنياء في المساكين أن يسدوا جوعتهم ويستروا عورتهم ويؤووهم، وكذلك عابر السبيل فيجب لمن أقبل(٢) وافداً عليك أن تعطيه ما يقيه الحر والبرد، وأن تشبع جوعته إن لم يكن هناك أحد يقوم مقامك في ذلك.
  {ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٣٨}(٣) وذلك
(١) سؤال: هل المراد بصلة المساكين وأبناء السبيل هنا من غير الواجب (الزكاة) أم منها فقط؟
الجواب: المراد بالحق الواجب للمساكين وابن السبيل من الحقوق المالية هو الزكاة، فقوله في الآية: {حَقَّهُ} يدل على أن هناك حقاً معروفاً معهوداً، ولم يعهد ويعرف إلا الزكاة، أما غيرها فهي حقوق عارضة تعرض عند عروض أسبابها كالتي ذكرناها في التفسير.
(٢) سؤال: هل المراد ضيافة الضيف الوافد أم المراد به لمن كان مسافراً غير مستضيف؟
الجواب: المراد بذلك المسافر الذي يفد عليك حيث لا يوجد حولك مطاعم ولا أسواق، فإن أطعمته وآويته وإلا بات في الخلاء جائعاً وربما أهلكه الجوع والبرد.
(٣) سؤال: يقال: قد قيد أهل الفقه هذه الأمور من الإنفاق بقيود، مثل الإعسار في حق القريب وكون المنفِق وارثاً، ومثل أن الضيافة على أهل الوبر ونحوها؛ فهل يتوقف عندها؟ أم لا؛ نظراً لعموم هذه الآية: {ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ ...} إلخ؟
الجواب: الذي ينبغي القول به في مثل تلك الحقوق اللازمة لذوي الأرحام ونحوهم أن الذي =