سورة الروم
  باب من أبواب الخير التي جعلها الله سبحانه وتعالى لعباده، وفرصة هيأها الله سبحانه وتعالى لكسب الحسنات والفوز برضوانه ونعيمه، فينبغي للمؤمن أن يستغل ذلك ولا يضيعه.
  {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} كان الأغنياء في الجاهلية لا يعطون الفقراء أو يقرضونهم إلا على سبيل الربا، فلا يعطيه شيئاً إلا ويشرط عليه أن يرده مضاعفاً(١)، فأخبر الله تعالى أن ما أعطاه هذا المديون للغني فلا ثواب فيه ولا أجر له على هذه الزيادة، وحذر عباده أن يتعاملوا بمثل هذه المعاملة.
  {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ٣٩} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن الثواب إنما يكون لأولئك الذين يخرجون زكاة(٢) أموالهم التي فرضها الله سبحانه وتعالى عليهم خالصة له تعالى، وأما أولئك الذين يخرجونها إلى الأغنياء لأجل أن يربوا في أموالهم ويضاعفوها لهم فلا ثواب لهم في شيء من ذلك.
= يجب منها ما جرت به الأعراف بين طبقات المجتمع، أي: العرف المعروف بين الأغنياء، والعرف المعروف بين من دونهم، و ... إلخ. والمراد بهذا العرف الذي إذا حصل التقصير فيه أو التهاون به تعرض المقصر للذم والتحقير عند عموم الناس، وهذا في حقوق الأرحام والجيران والمساكين وابن السبيل والصاحب و ... إلخ. وابن السبيل يشمل الضيف الوافد إلى أهل الوبر، أو إلى من في حكم الوبر وهو أهل البيوت المبنية في القفار حيث لا يوجد أسواق ولا مطاعم ولا مأوى.
(١) سؤال: يقال: هذا هو ظاهر الآية والخطاب فيها، وهل يصح حمله على الأغنياء ويكون الوعيد متوجهاً إليهم لتقابل الآية التي بعدها؟
الجواب: كان المسلمون في المدينة أهل مزارع نخيل، وكانوا يستدينون من اليهود إلى جذاذ النخل، فإذا جذوا نخلهم أوفوهم، وكان اليهود أهل ربا لا يبيعون لأهل المدينة إلا بالربا، وعلى هذا فالآيتان هذه والتي بعدها هي خطاب لأهل المدينة (أهل النخيل).
(٢) سؤال: فضلاً ما هو وجه المقابلة بين الزكاة والربا؟
الجواب: يظهر وجه المقابلة مما تقدم في الجواب الذي قبل هذا، فالمخاطبون هم أهل المدينة ذم الله لهم الربا وقبحه، وزين لهم فعل الزكاة.