محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الروم

صفحة 373 - الجزء 3

  {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ٤٠} ثم وجه الله سبحانه وتعالى خطابه إلى المشركين يخبرهم بأنه وحده الذي خلقهم، وهو وحده الذي بيده رزقهم بما أنزل لهم من المطر، وأخرج لهم به الثمر، وأن بيده وحده حياتهم ومماتهم، وأما تلك الأصنام التي تعبدونها فلا تستطيع أن تفعل لكم شيئاً، فلماذا تعبدونها وتتركون عبادة الإله الذي بيده كل ذلك؟ وقد تنزه وتقدس عن أن يكون له شريك كما يزعمون.

  {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ⁣(⁣١) بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٤١} ظهر الفساد في الأرض وهو ما يحصل من إخافة الطريق، ونهب الأموال، وإقلاق الأمن، وبث الرعب في قلوب الناس، فأخبر سبحانه أن كل ذلك الذي يحصل إنما هو عقاب بسبب الذنوب والمعاصي التي أطبقت وانتشرت بين أوساط الناس، فلو أنهم استقاموا على طاعة الله سبحانه وتعالى لهيأ لهم أسباب الأمن والأمان ولسهل لهم أرزاقهم، ووفر لهم أسباب معايشهم، ولأصلح لهم جميع أحوالهم، وبارك لهم في تجاراتهم وثمارهم وزروعهم.

  ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن ما يحصل إنما هو جزاء⁣(⁣٢) على بعض ذنوبهم، وأنه لو أخذهم بذنوبهم جميعها لأهلكهم ولدمرهم، وأخبر أيضاً أن في ذلك مصلحة


(١) سؤال: إذا قيل: ما هو الفساد في البحر فبماذا نجيب؟

الجواب: قد يكون الفساد في البحر هو تعسر ركوب البحر لشدة العواصف وهيجان البحر، وأيضاً قلة ماء الأنهار، وكثرة قراصنة البحر، وكثرة الغرقى فيه.

(٢) سؤال: هل هنا مقدر محذوف تقديره: ليذيقهم جزاء بعض الذي عملوا؟ أم كيف؟

الجواب: الأمر كذلك، فلا بد من التقدير المذكور.

سؤال: هل العقوبة من الله في هذه الآية بتخلية أهل الفساد وفسادهم؟ أم ماذا؟

الجواب: بعضها من الله كقلة الأمطار وفساد الثمار وهيجان البحار، وبعضها يحصل بالتخلية كتسليط الظلمة وقلة الأمن ونحو ذلك.