سورة الروم
  {لِيَجْزِيَ(١) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ(٢) إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ٤٥} فسيبعث الله سبحانه وتعالى الناس جميعاً يوم القيامة للحساب والجزاء، فيجزي المؤمنين بما استحقوه من الثواب على أعمالهم، ويعذب الكافرين جزاءً على كفرهم وتكذيبهم بالله تعالى وبما جاءت به رسله؛ فهذا هو الغرض الذي سيبعث الله تعالى الناس من أجله.
  {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ}(٣) ومن آياته الدالة على قدرته وإلهيته وعظمته وجلاله تلك الرياح التي يرسلها مبشرة بقدوم المطر.
  {وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ} وسخرها أيضاً لتسيير السفن في البحر.
(١) سؤال: هل قوله: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا ...} إلخ علة لقوله: {يَصَّدَّعُونَ ٤٣} كما هو ظاهر كلامكم أيدكم الله بتأييده؟
الجواب: نعم، ذلك متعلق بيصدعون.
(٢) سؤال: يقال: ظاهر هذه الآية أن الثواب تفضل من الله سبحانه لا استحقاق، فكيف ترون ذلك؟ وكيف يجمع بين هذه الآية والآيات الأخرى: {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} آية النور [النور: ٣٨]؟
الجواب: قد سبق منا جواب على مثل هذا السؤال خلاصته: أن الثواب في الآخرة تفضل من الله تعالى، إلا أنه سبحانه وتعالى جعله جزاءً؛ تفضلاً منه تعالى ولطفاً لأوليائه المؤمنين؛ ليستكثروا من الأعمال الصالحة؛ ليكثر أجرهم وثوابهم، وليحلو لهم الأجر والثواب ويعظم في نفوسهم، فإن ما حصل للمرء من المكاسب بعمل يده وبتعبه وجهده يكون أوقع في نفس المرء مما حصل عفواً بغير تعب.
(٣) سؤال: هل إذاقة الرحمة هي التبشير بالمطر؟ أم أنها شيء آخر فما هو؟
الجواب: الذي يظهر أن الرحمة هي المطر وما يحصل بسببه من الأرزاق، وذلك أنه قد ذكر الرياح وذكر التبشير ثم عطف قوله: {وَلِيُذِيقَكُمْ ...}، وظاهر العطف التغاير.