سورة الروم
  {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}(١) وهذا من فوائد الرياح التي سخرها الله تعالى لخلقه، وهو أنها تُسيّرُ السفن التي تحمل المسافرين في البحر للتجارة وجلب البضائع، وتسوق السحب وتلقحها، وبها تصلح الأشجار وتزكو الثمار، ويتلطف الهواء وتتخفف حرارة الجو.
  {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٤٦} ومن فوائدها أيضاً أن جعلها الله تعالى من النعم العظيمة التي إذا شكرناه عليها تعرضنا لنيل ثوابه ورضوانه، وفيها أيضاً تلقيحُ الأشجارِ وإصلاحُ الثمارِ، وغير ذلك من الفوائد التي يكثر تعدادها.
  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أنه قد أرسل كثيراً من الأنبياء إلى أممهم ليبلغوهم آياته وحججه، وأن كل نبي قد لاقى مثل ما لاقيت من أمتك يا محمد، فلا يضق صدرك أو يفتر عزمك أو تضعف قوتك في مواصلة ما أمرك ربك.
  {فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} فاصبر يا محمد فإن الله تعالى سوف ينتقم لك من قومك كما انتقم من المكذبين بأنبيائهم قبلك.
  {وَكَانَ حَقًّا(٢) عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ٤٧} وعد من الله تعالى لنبيه ÷ بأنه
(١) سؤال: هل هذا العطف {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} على ما قبله من باب عطف الخاص على العام، أم لها مفهوم آخر؟
الجواب: ليس هذا العطف من عطف الخاص على العام، بل من عطف المتغايرات فالابتغاء من فضل الله هو غير جري الفلك في البحر، فالجري بالسفن على الماء نعمة، وتحصيل المكاسب والأرباح وتنمية الأموال بالتجارة نعمة أخرى.
(٢) سؤال: ما السر في تقديم الخبر في قوله: {وَكَانَ حَقًّا}؟
الجواب: قدم للاهتمام به وذلك أن المؤمنين كانوا قد استبطأوا النصر حتى ضعف يقين بعضهم بوقوعه، فقدم «حقاً» ليصدمهم أولاً بحتمية وقوع النصر، وأنه قضاء مقضي لا خلف فيه، وكون النصر حقاً أو غير حق هو الغرض من الكلام وهو المقتضي له؛ لذلك قدم.