سورة الروم
  لا بد أن ينتصر لأوليائه المؤمنين(١)؛ وكان المؤمنون قد استبطئوا نصر الله سبحانه وتعالى، وقد طالت عليهم مدة انتظارهم لذلك، فطمأن الله تعالى نبيه ÷ بذلك، وبشره بأنه لا بد أن ينزل نصره للمؤمنين حين الموعد الذي قد حدده بحكمته لنزوله.
  {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ٤٨} ثم أخبر الله تعالى المشركين بأنه هو الذي يرسل الرياح التي تسوق ذلك البخار الذي يتصاعد من البحار فتجمعه حتى يتكون سحاباً يحمل الماء(٢)، ثم تسوقه الرياح بأمر الله تعالى إلى حيث أراد أن ينزل رحمته التي يستبشر بها كل من وصلت إليه. ومعنى «كسفاً»: قطعاً متفرقة، والودق: المطر.
(١) سؤال: كثير من المؤمنين لا يرى النصر الفعلي لجماعة الحق فيتشكك في كونهم على الحق، فما توجيهكم في ذلك؟
الجواب: الابتلاء بالأعداء وقوتهم وظلمهم فتنة واختبار للمؤمنين، {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ..}[محمد: ٤]، فمن نظر وتدبر فيما لقي رسول الله ÷ والمؤمنين من الأذى والمضايقات سنين طويلة، وما أصابهم من القتل والجرح، ثم ما لقي علي # وأهل بيته من ذلك - لم يحصل له شك بعدم النصر.
(٢) سؤال: إذا قيل بأن البخار الذي يتصاعد لا يمكنه أن يكوّن السحاب الكثيف الكثير الذي يشبه الجبال، خصوصاً في أوقات الشتاء والبرودة، فبماذا يجاب على ذلك؟
الجواب: قال تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ١}[النازعات]، فسرها الإمام القاسم بن إبراهيم # بالرياح تنزع السحاب من البحر، وبإرادة الله فإن الرياح تغرق في النزع، أي: تبالغ في سحب الماء من البحر وترفعه في السماء على شكل ذرّات صغيرة ثم تسوقه الرياح إلى حيث يشاء الله، وبعد، فقد صار ذلك من الحقائق الثابتة اليوم عند أهل العلم الحديث.