محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الروم

صفحة 378 - الجزء 3

  {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ⁣(⁣١) عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ ٤٩} أخبر الله تعالى أنه ينزل المطر عليهم بعد أن كان قد أصابهم اليأس والقنوط من رحمته، وأخبر أن هذه سنته أن ينشر رحمته بعد أن يصيبهم اليأس.

  {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} انظر وتفكر يا محمد، أو أيها السامع إلى الأثر الذي يتركه المطر بعد نزوله من إحياء الأرض بالزرع والشجر والثمر بعد أن كانت قد يبست وتفتتت وقد أخذ الجفاف منها كل مأخذ.

  {إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٥٠} فالذي أحيا الأرض بعد موتها قادر على أن يحيي الموتى بعد تفتت عظامهم، فإن كل من نظر وتفكر في إحياء الأرض بعد موتها علم علماً يقينياً أن من قدر على ذلك فهو قادر على أن يبعث الأموات، ويحييهم بعد موتهم وتفتت عظامهم، وأن ذلك ليس ببعيد على قدرته⁣(⁣٢).

  {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ⁣(⁣٣) يَكْفُرُونَ ٥١} وهذه


(١) سؤال: ما محل هذا المصدر «أن ينزل» من الإعراب؟ وما إعراب: «لمبلسين»؟ وما الحكمة من زيادة قوله: «من قبله»، مع فهم المعنى بدونها؟ وما إعرابها؟

الجواب: محل المصدر «أن ينزل» الجر بإضافة «قبله» إليه، و «لمبلسين» اللام: هي الفارقة، و «مبلسين»: خبر كان. وزيادة «من قبله» قد كانت للتأكيد حيث أفادت «من قبله» الثانية أن يأتيهم من المطر حاصل إلى حين نزوله، بخلاف الأولى فإنها محتملة للفسحة في الزمان، وتعرب «من قبل» الثانية إعراب الأولى بالتبعية لها في إعرابها.

(٢) سؤال: هل هذا المدلول للآية هو المسمى بالقياس العقلي عند أهل علم الكلام؟ وهل في قولهم: «قياس الشاهد على الغائب» تعكيس للعبارة، أم كيف توجيهها؟

الجواب: هذا هو القياس العقلي عند أهل علم الكلام وهو غير القياس المنطقي. وقولهم «قياس الشاهد على الغائب» يقصدون به قياس الغائب على الشاهد فالعبارة معكوسة، إلا أنهم لا يقصدون بها إلا عكسها.

(٣) سؤال: إلام يرجع الضمير في قوله: «من بعده»؟

الجواب: يعود الضمير للاصفرار أو للريح أو للمطر كل ذلك جائز.