محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الروم

صفحة 379 - الجزء 3

  هي طبيعة المشركين أن الله تعالى إذا أرسل تلك الريح⁣(⁣١) التي تجعل الزرع أو النبات أصفر بعد الخضرة تشاءموا بها وانقطع أملهم في الله تعالى وفي رحمته، فلا تراهم يلجأون إليه أو يتوسلون، وإنما طبيعتهم القنوط واليأس من رحمة الله سبحانه وتعالى والكفر به.

  {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ⁣(⁣٢) إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ٥٢ وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ} يريد الله سبحانه وتعالى أن يقطع طمع النبي ÷ في إيمان قريش، فأخبره أنهم لن يؤمنوا أبداً مهما حاول فيهم، ولذلك شبههم الله تعالى بالموتى الذين لا يستطيعون أن يسمعوا شيئاً، وكذلك بالصم عندما يلوي أحدهم ظهره عنك فلا تستطيع أن تُسْمِعَهُ مهما حاولت؛ فذلك حال المشركين، وكذلك شبههم بالعمي فمهما وصفت لهم الطريق لن يستطيعوا أن يهتدوا إليها.

  {إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} وأنه لن يسمع منك يا محمد ويستجيب لدعوتك إلا أولئك الذين آمنوا بالله تعالى وصدقوا ما جئت به وتواضعوا لقبول الحق.


(١) سؤال: ما هي هذه الريح؟ وكيف عملها؟ وما هي الحكمة في عملها مع أن في ظاهرها إضراراً بالنبات؟

الجواب: هذه الريح هي من جنس الريح المبشر بالمطر إلا أنه لا يعقبها مطر فيصفر الزرع ويجف لعدم المطر، ولما خاب ظنهم في نزول المطر انتعشت فيهم دواعي الكفر وظلوا يكفرون. وعمل هذه الريح هو كعمل المبشرة إلا أنه لا يعقبها المطر، ويمكن أن تكون هذه الريح ريح عذاب تضرب زرعهم كالريح التي تضرب شجرة القات، بقرينة تسميتها باسم الريح أما ريح الرحمة فتسمى رياحاً.

(٢) سؤال: هل قوله: «الدعاء» مفعول للفعلين المتقدمين أم ماذا؟

الجواب: الفعلان متنازعان للدعاء؛ لذلك يكون مفعولاً به للفعل الأول، ويضمر للفعل الثاني ضمير الدعاء. ووجه آخر: أن يكون الدعاء مفعولاً به للثاني، ويقدر للأول مفعول به على غير وجه التنازع.