سورة الروم
  يوم القيامة لا تنفعهم الأعذار عند الله سبحانه وتعالى، ولن يروا هناك من يلومهم أو يعاتبهم ويردهم إلى صوابهم كما في الدنيا فقد انتهى كل شيء، ولم يبق لهم إلا أن يلقوا جزاء أعمالهم.
  {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ}(١) أخبر الله سبحانه وتعالى أنه قد صَرَّفَ للمشركين آياته، ونوع لهم الأمثال في القرآن لعل شيئاً من ذلك ينفع فيهم، أو لعلهم يعتبرون بشيء من ذلك فيرجعون إلى رشدهم وصوابهم، ويقلعون عن كفرهم وضلالهم، ولكنهم لا زالوا على إصرارهم على كفرهم وتكذيبهم وضلالهم.
  {وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ ٥٨} وأنك مهما حاولت فيهم يا محمد، ومهما جئتهم به من الآيات فلن يقبلوا منك أبداً.
  {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ٥٩}(٢) فقد أصبحت قلوبهم كالمطبوع عليها فلا يستطيع الإيمان أن ينفذ إليها أبداً، فلا تطمع في إيمانهم يا محمد فلن يؤمنوا أبداً.
(١) سؤال: ما معنى «من» في قوله: {مِنْ كُلِّ مَثَلٍ}؟
الجواب: يتعدى «ضربنا» بنفسه إلى المفعول به كقوله تعالى: {وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ ...}[الفرقان: ٣٩]، {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا}[الروم: ٢٨]، {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا}[التحريم: ١٠]، فمجيء «من» هنا يكون:
١ - إما لأن «ضرب» ضُمّن معنى فعل يتعدى إلى المفعول به بـ «من» فتكون للتعدية.
٢ - أو أن يكون «ضرب» هذا يتعدى مرة بنفسه ومرة بـ «من».
٣ - وإما أن تكون «من» للتبعيض أي: أن الله تعالى ضرب للناس بعضاً من الأمثال الحسنة لا كل مثل حسن، وقد يكون هذا المعنى هو الأولى؛ لأن الله تعالى لم يضرب للناس في القرآن كل مثل وإنما ضرب لهم منها ما يتعلق ببيان الدين الحق.
(٢) سؤال: ما العلة في تخصيصهم بهذه الصفة وهي نفي العلم عنهم؟
الجواب: خصهم بهذه الصفة لأن رسول الله ÷ جاءهم بالعلم من عند الله فردوه وكفروا به، فوصفوا لذلك بأنهم لا يعلمون.