سورة لقمان
  طاعة الوالدين والإحسان إليهما، وأن يتعاهدهما الولد بالبر والصلة، وأن يجعلهما تحت رعايته وعنايته، وأن لا يفرط في حقهما، وفيما أوجب الله عليه في شأنهما.
  ثم ذكر الله سبحانه وتعالى سبب توصيته بهما فقال: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ(١) وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ}(٢) فما أمر به الولد في حقهما فهو رَدٌّ لبعض أتعابهما عليه، ومكافأة لهما على إحسانهما إليه حيث حملته أمه في بطنها تسعة أشهر يتضاعف عليها في التسعة الأشهر التعب والثقل والضعف فلا تضعه إلا بعد أن تشرف على الموت.
  {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} وكذلك ما لاقته من أتعاب الرضاعة لمدة عامين.
  {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ١٤}(٣) قرن الله تعالى شكر الوالدين بشكره ليدل على عظيم حقهما والتشديد في أمرهما، ويدل أيضاً على التشديد في حقهما تهديدُه ووعيدُه الشديد على الإخلال بحقهما بقوله: «إلي المصير».
(١) سؤال: هل يعني أن النكتة في فصل هذه الجملة «حملته ...» عن سابقتها كونها جواباً لسؤال مقدر؟ أم كيف؟
الجواب: نعم، تلك هي النكتة في فصل الجملة المذكورة؛ فقد نشأ من الجملة السابقة سؤال مقدر عن السبب الباعث للوصية بالوالدين والعلة الداعية للبر بهما والإحسان إليهما، فكانت هذه الجملة «حملته ..» هي جواب ذلك السؤال المقدر.
(٢) سؤال: ما إعراب: «وهناً على وهن»؟ وما السر في عطف الاسمية: «وفصاله ..» على الفعلية؟
الجواب: «وهناً» مفعول مطلق لفعل محذوف أي: تهن وهناً، وتكون الجملة في محل نصب حال. «على وهن» متعلق بمحذوف صفة لوهن. والسر في اسمية «وفصاله» مع أنها معطوفة على الجملة الفعلية «حملته ...» لوجود المقتضي لاسميتها وهو إرادة بيان الحكم الذي هو تقدير مدة الرضاع ثم يفطم إذا تمت، ولو أنه قال: وفصلته في عامين لم يحصل بيان ذلك الحكم.
(٣) سؤال: هل «أن» في قوله: «أن اشكر» مفسرة للوصاية أم ماذا؟ وما السر في تعدية الفعل «اشكر» لمفعوله باللام في قوله: «لي ولوالديك»، وفي قوله: «اشكر لله»؟
الجواب: «أن» مفسرة للوصاية؛ لأنه تقدمها معنى القول دون حروفه. وفعل الشكر يتعدى باللام وبنفسه: {وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ١٧٢}[البقرة]، {وَاشْكُرُوا لَهُ}[العنكبوت: ١٧]، {أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ}[النمل: ١٩]، {وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ}[النحل: ١١٤]،